بالمرسوم الموثق على هدنة غزة المؤقتة، التزام حرفي فائق الدقة والتنظيم أبدته كتائب القسام ، فيما أظهر الجانب الإسرائيلي انفصال الرأس السياسي عن أذرعه العسكرية، وترك لآلته الحربية وجنوده حرية التصرف واستدراج الخروق في قطاع غزة كما على الجبهة الشمالية. وفي اعتداء واضح المعالم خرق العدو هدوء الخط الأزرق النسبي ووجه رسالة بالنار إلى الأمم المتحدة، وأطلق جنوده النيران المباشرة على دورية لقوات اليونفيل في بلدة عيترون جنوب لبنان. الناطق الرسمي باسم قوات الطوارىء الدولية أندريا تيننتي أدان الاعتداء ووصف الهجوم بأنه مثير للقلق العميق. رد جنود الاحتلال بالنار على تحذير قائد البعثة الأممية الجنرال أرولدو لازارو من أن أي تصعيد إضافي على الخط الأزرق قد يكون له عواقب مدمرة. ومما تقدم فإن قوات الاحتلال بهجومها هذا غير المبرر إنما تهدف لحرف الأنظار عن مشاهد الانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية في إرغام إسرائيل على القبول بهدنة وإن مؤقتة . وهذه الهدنة مرشحة لتمدد اياما إضافية وفق تأكيدات مصرية عن مؤشرات إيجابية من كل الأطراف ، إضافة إلى ما نشرته قناة “كان” العبرية عن وجود وفد قطري رفيع في تل أبيب لإجراء نقاشات مع جهات أمنية إسرائيلية، حول صفقة الأسرى كي تتم الأمور بسلاسة، وربطا أعلنت القسام أنها قررت تأخير إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى حتى يلتزم الاحتلال ببنود الاتفاق المتعلقة بإدخال الشاحنات الإغاثية إلى شمالي قطاع غزة، والمرحلة الثانية من صفقة التبادل المفترض أن تتم اليوم تشمل إفراج سلطات الاحتلال عن تسعة وثلاثين أسيرة وأسيرا فلسطينيا، مقابل أربعة عشر أسيرا إسرائيليا لدى حماس.
وفي الساعات المتعثرة ظلت حماس عند كلمتها لكنها تحدثت عن وسطاء لمعالجة خروقات الهدنة واستئناف عملية التبادل وعلى رأسهم دولة قطر ، فيما هددت اسرائيل وامهلت حماس حتى منتصف الليل لتنفيذ التبادل او عودة العمليات وتتهرب سلطات الاحتلال من التزاماتها وتعوض عن خسائرها في غزة بالهجوم على الضفة الغربية والاعتداء على مخيمات جنين ونابلس وتقتل وتعتقل العشرات، وتقيم الحواجز وتحاصر الفلسطينيين في منازلهم بعد ليلة الإفراج الأول عن الأسرى، حيث بايعت الضفة كتائب القسام وتوحد الشارع على هتاف الولاء لقيادات المقاومة.
لكن هدنة الأيام الأربعة، لم تبحر فوق مياه البحر الأحمر حيث لم تسر الهدنة على الصواريخ والمسيرات الآتية من ناحية اليمن صوب إيلات المحتلة أصابت أهدافها أم تصدت لها القبة الحديدية. ومن البحر الأحمر حيث أطبق اليمن على أنفاس إسرائيل ولاحق سفنها وغير مسارها وفرض عليها الدوران حول رأس الرجاء الصالح عوضا عن باب المندب ما يكبدها خسائر مضاعفة، أكد اليمن قراره الحاسم من أنه غير ملتزم بأي اتفاق إلا بعد إعلان إسرائيل وقف الحرب على غزة وكشفت تقارير صحفية عن استهداف سفينة إسرائيلية ثانية في مياه المحيط الهندي بمسيرة بعد عملية الخطف النوعية . وعلى تهديد إسرائيل بالعودة إلى العمليات العسكرية في حال فشل المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى، فإن رئيس حكومة الحرب بنيامين نتنياهو يمشي بين خطوط التماس مرتديا قبعة الإخفاء في تحمل مسؤولية الإخفاق، ويكتب سيناريو جديدا يبدي فيه استعداده للاعتزال بحسب ما نشرت مصادر مقربة منه ربطت إقدامه على هذه الخطوة بإعطائه فرصة ثانية على أن يمنح فترة سماح للاستمرار في الحكم أشهرا طويلة، كي يحقق مشروع السلام الإقليمي الشامل مستعينا بصديقه جو بايدن. وعلى السلام المفقود جسر جوي بين السرايا واسطنبول عبره رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما تستعد الخماسية لإعادة إطلاق محركاتها على الساحة الداخلية عبر مداولات لسفرائها في لبنان تسبق زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت منتصف الأسبوع المقبل. وفي معلومات الجديد، أن الجانب القطري سيستأنف حراكه السياسي في طلعة استطلاعية حول الملف الرئاسي في لبنان بالاستناد على نجاح الدوحة في التقاط نار غزة والوصول الى اتفاق الهدنة المؤقت، الأمر الذي يضعها في مصاف الدول المؤهلة للعب دور إطفائي الأزمة.