أسطول الدبلوماسية الاميركية هنري كيسنجر يشطب مئة عام من التوغل السياسي على الكرة الارضية، التي لاعبها بكرة نار ملتقطا جائزة نوبل للسلام.. وبرحيله فإن العالم الذي عاش مع اسم كيسنجر حربا وسلما, لن يعترف برجل آخر في محفل التنقيب الدبلوماسي، حتى ولو كان من وزن جان ايف لودريان..
يترك هنري كيسنجر وراءه أميركا بلا أوراق اعتماد, ويلقنها في مماته دروسا في الجراحة الدبلوماسية التي امسك بمبضعها، فحاز من خلالها على جائزة كبار الثعالب السياسية لا تنساه دول عاصرت آراءه المندفعة الى الحروب,
آثاره لا تزال بصماتها على كمبوديا وفيتنام ودعم حكومات قمعية مناهضة للمعسكرات الشيوعية في اميركا اللاتينة، لكنك عندما تذكر كسينجر فان الاسم يقودك الى الرجل الداهية الذي استطاع ان يحفر في التاريخ أكثر من رؤساء أميركيين على مر العقود. والدهاء ميزة أخفق بها الدبلوماسي الفرنسي جان ايف لودريان في لبنان فبعد جولات في الفراغ..
انتهى الى الفراغ المثلث, وسيغادر لودريان بيروت غدا على أصفار رئاسية وامنية وعسكرية، لكنه وللمرة الاولى يسجل في جولاته إشكالا سياسيا بعد حوار الدقائق المعدودة مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل . فكيسنجر التيار بنسخته المقلدة فئة ميرنا الشالوحي انقض على الموفد الفرنسي لدى سماعه بطرح التمديد لقائد الجيش وفي المعلومات أن لودريان بدأ بطرح ثلاثة بنود تتعلق بالقرار 1701 ورئاسة الجمهورية والتمديد لقائد الجيش، طالبا من باسيل تجاوز خلافاته في سبيل ضمان استمرارية المؤسسة العسكرية وعدم وقوعها في الفراغ لكن رئيس التيار طلب شطب هذا البند فأصر لودريان على بحثه لكون المسائل الثلاث في صلب مهمته موفدا من الرئاسة الفرنسية وإذ سمعت استشاطة باسيل الى خارج الغرف المغلقة، فإن الموفد الفرنسي هم بالمغادرة وأنهى الاجتماع في الدقائق الاولى لبدئه .
وبخلاف النيران التي اندلعت من مقر التيار، جاءت زيارة لودريان الى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد لتحمل عبارات التعازي اولا ثم تقديم ما يشبه التهاني على انضباط حزب الله في عدم توسيع رقعة الحرب جنوبا والتزامه قواعد الاشتباك لكن هذا الغزل الفرنسي للحزب سيحمل معه لاحقا فك ارتباط في قواعد الاشتباك لأن البند الأول في مهمة لودريان يتوغل في تحريك القرار 1701 وانشاء منطقة امنة..
تهدف في ترسيمها الى حماية اسرائيل وسيأخذ هذا الطرح نقاشا في الايام المقبلة سواء تحت سقوف الامم المتحدة او فرنسا غير ان تطبيقه سيستلزم من الرعاة سؤال اسرائيل أولا عما اذا كانت ستتحلى بخطوة التنفيذ وتعلن انسحابا من المناطق اللبنانية المحتلة فيما اسرائيل الآن تعيش اليوم بيومه.. وتمدد الهدن المؤقتة، وتعد اسراها في سراديب حماس وتحتسب لنهار ستشرق فيه الشمس على قيادات فلسطينية معتقلة ستشكل نكسة ثانية بعد نكسة السابع من تشرين.
اما في النكسات المتفرقة فقد تلقت اسرائيل اليوم طعنة من حماس في قلب القدس
المحتلة وفوجئ العدو بالعملية البطولية النوعية التي نفذها شقيقان فلسطينيان وأسفرت عن ثلاثة قتلى بينهم عميد المحكمة الحاخامية في أشدود الحاخام إليمالك واسرمان وإثنتي عشرة إصابة بعضها بحال خطرة
والى ان تخرج اسرائيل من حال الخطر .. يمكن لها نقاش القرار 1701 ومندرجاته التي ستنزلها عن مرتفعات لبنانية.