لاشتباهها بطيف الضيف أبادت اسرائيل مخيما في المواصي، البقعة التي صنفتها آمنة ودعت الفلسطينيين للنزوح اليها، ، مئة شهيد ومئات الجرحى ممن لا مشافي لعلاجهم سقطوا في بحيرة دم، وبأطنان من الصواريخ الأميركية الصنع المتطورة الفتاكة والموجهة بالليزر، القادرة على اختراق الحصون تحت الارض، هي مجزرة ترقى الى تصنيف المحرقة، والتي لم تر إسرائيل منها إلا ملامح رجل يمر كنسمة صيف, عسكري برتبة: محمد ضيف. قائد الجناح العسكري لحماس الذي تعرفه الأنفاق، مجهول مكان الاقامة بين المنازل, تم وضعه في الأيام الأخيرة على قائمة البحث، على إثر معلومات أمنية أحيلت الى رئيسي الشاباك والاركان ووزير الحرب يوآف غالانت.
وافق غالانت على عملية المواصي في خان يونس وطلب رأس الضيف من بين آلاف تكتظ بهم المخيمات، نفذ سلسلة غارات عنيفة بحزام ناري فقتل وجرح اكثر من ثلاثمئة فلسطيني بينهم عناصر من طواقم الدفاع المدني وفرق الاسعاف، ثم راحت القيادات العسكرية والسياسية في اسرائيل تبحث عما إذا كانت قد ظفرت بقتل الضيف أم أن الرجل الذي تلقبه اسرائيل بأنه بتسع أرواح قد أضاف اليوم الروح العاشرة، ومنذ توقيعها المجزرة صباح اليوم، فإن كل قيادات إسرائيل لا تعرف من قتلت، وتدخل في اجتماعات للتحليل الجنائي فتعلن تارة أن محمد ضيف أصيب بجروح بالغة، ثم ترجح مقتله قبل ان تعود وتتريث في التأكيد، قائلة عبر مسؤول عسكري: لا زلنا نتحقق من نتائج استهداف قائد الجناح العسكري لحماس.
وفتح وزير خارجية العدو يسرائيل كاتس غرفة عمليات في الوزارة بعد مجزرة المواصي، وأمر بتجهيز صيغة للرواية الإسرائيلية قال إنه سيقدمها الى الدول والمنظمات الدولية، ومهما علا خيل هذه الرواية، فلن تغير حقيقة أنها مجزرة وبأسلحة محرمة اراد العدو صبغها برداء عسكري لتبرير جريمة حرب ضد الانسانية، ووفق التوصيف الدولي والأممي فإن المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (فرانشيسكا ألبانيز) اعتبرت أن فشل المجتمع الدولي في وقف الجرائم الإسرائيلية مكن إسرائيل من ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة، ووصفت الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع المحاصر بأنها “الثمرة المرة” لإفلات إسرائيل من العقاب عبر العقود الماضية.
وقالت: أشعر بالاشمئزاز والصدمة من عدم محاسبة إسرائيل، وسواء تمكنت اسرائيل من قائد عسكري أم فشلت في استهدافه، فإنها تتنقل في قنصها بين مجزرتين، ولا تتوانى عن قصف المدنيين وهم على سجادة الصلاة كما حصل في مخيم الشاطئ غرب غزة، حيث قصفت طائرات العدو المصلين ما ادى الى سقوط أكثر من خمسة وعشرين شهيدا وعشرات الجرحى، وظهرت أشلاء وجثامين الشهداء على فراش المصلى، وأسلوب الغدر نفسه على جبهة لبنان، حيث لاحقت مسيرة اسرائيلية سيارة على طريق الخردلي كان بداخلها شخصان ما أدى الى استشهادهما على الفور.
وقد نعت حركة أمل الشهيد موسى سليمان عضو المجلس البلدي في كفركلا، كما استشهد نجيب حلاوي من البلدة ذاتها، ودفع التصعيد الاسرائيلي الأخير إلى سحب صاروخ “جهاد” من مخازن المقاومة للمرة الثانية، وهو يحمل راسا حربيا بزنة مئة وعشرين كيلو وقدرة تدميرية كبيرة. هذه النيران من غزة الى جبهة الشمال تثقل صفقة التفاوض بشروط جديدة ولاسيما بعد مجزرة المواصي التي اعتبرتها حماس استهدافا للمدنيين وليس لقيادات بالحركة، واصبحت القيادات الاسرائيلية نفسها تبدي ريبتها من اغتيال التفاوض على ايدي نتنياهو، وبات المعسكر الاسرائيلي من جيش وموساد وشاباك يطعن بتصاريح رئيس الوزراء غير الصحيحة، والتي يسعى فيها الى استفزاز حماس لدفعها الى الانسحاب من التفاوض، اذ وضع نتنياهو جسرا من الشروط القاتلة لأي اتفاق، بينها عدم عودة السكان الى الشمال، ونقاط المراقبة بين رفح ومصر على خط فيلادلفيا، والسماح باستمرار العمليات الامنية أو ما يعرف ب”جز العشب” التي يطبقها في الضفة.
وفي جز العشب عن حدائق بعبدا تتوارى المبادرات الى ما بعد الانتهاء من مراسم عاشوراء الاسبوع المقبل، لكن محصولها انتهى الى يابسة سياسية. وتتجه المناورات في الايام المقبلة الى اعادة وصل خطوط التوتر العالي مع العراق في زيارة سيقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى بغداد وتصليح الاعطال التي تسبب بها وزير الطاقة.