في اثنين الباعوث بعثت إسرائيل برسائل متعددة الاتجاه، على جناح غارة انتهكت جو لبنان، وعبرت سماءه إلى مطار ال”ت يفور” العسكري السوري. الغارة لم تأت من العدم، كونها ليست المرة الأولى، لكنها حملت ردا جويا على ما تشهده الأرض، وذلك تزامنا مع اقتراب الجيش السوري من طي صفحة الغوطة الشرقية، بإجلاء الفصائل المسلحة المعارضة من مدينة دوما.
وكان لافتا التصريح الذي أدلى به رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية سابقا عاموس يدلين، حيث قال إن العملية أتت في سياق الصراع الإسرائيلي- الإيراني الإستراتيجي المفتوح.
لكن وراء الأكمة ما وراءها فالإغارة نفذتها إسرائيل بالتنسيق مع حليفها الأميركي، وتزامنت مع تهديدات ترامب بضربة عسكرية على سوريا. وبحسب ما أفادت وسائل إعلام أميركية، فإن إسرائيل أبلغت واشنطن بخططها للهجوم على منشآت عسكرية في سوريا. وقال مسؤولان أميركيان كبار لقناة NBC News الأميركية إن اسرائيل مسؤولة عن الهجوم على مطار ال”تي فور”.
القبة الحديدية الروسية المنتشرة على مساحة المنظومة الدفاعية، دمرت خمسة من الصواريخ التي استهدفت ال”تي فور”، وأهم من إسقاط الصواريخ هو كيف ستتصرف موسكو في حال نفذت واشنطن وباريس وعيدهما بشن هجوم وشيك على دمشق؟، وهل ستسقط مثل هذه الضربات التفاهمات العامة الأميركية- الروسية في شأن سوريا، أم أن اسرائيل تريد توريط واشنطن أكثر في الوحول السورية، بعد اعلان الرئيس دونالد ترامب نيته سحب قواته من هناك؟.
مباشرة بعد الضربة، توجهت الأنظار إلى كل من واشنطن وباريس، لأنهما هددتا بالرد على التقارير التي تتهم قوات النظام بشن هجوم كيميائي في دوما لا يزال حتى اللحظة مجهول الفاعل. ومع أن واشنطن وباريس سارعتا بعد الضربة إلى نفي الأمر، تبقى الأنظار معلقة على القرار الذي سيتخذه ترامب خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة، في شأن الرد الأميركي على الهجمات الكيميائية. ترامب الذي ترأس مجلس وزرائه، ترك الباب مواربا، وقال أمامهم إنه يتباحث مع القادة العسكريين، وسوف يحدد المسؤول عن الهجوم سواء أكانت روسيا أم حكومة الرئيس بشار الأسد أم إيران أم الثلاثة معا.
وإلى أن ينتهي ترامب من خلوته، فإن طريق الحج إلى بيت المال السعودي سالكة آمنة، بمعية ولي العهد محمد بن سلمان. فبعد الولايات المتحدة تستعد فرنسا لتقصد المنبع نفسه، وتتأهب لتغرف من المملكة عقودا واتفاقيات، بإعلان الإليزيه عن زيارة يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرياض نهاية العام، وذلك استباقا للقمة الثنائية المرتقبة بينه وبين ولي العهد غدا في باريس، ومن غير المستبعد أن ينضم إلى اللقاء رئيس الحكومة سعد الحريري القادم على جناح مؤتمر “سيدر”، بحسب ما غرد مقربون، وإن غدا لناظر التغريد بقريب.