IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”الجديد” المسائية ليوم الاحد في 12/05/2019

عظة الأحد مجدت إسمه اليوم، عظيما من لبنان، دافع عن وطن رآه كما رآه، فقال ما قال، تمسك بنبض لبنانه كتمسكه بالدفاع عن نبضات قلبه إلى ما قبل مئة عام بقليل. والوطن الذي يعرف رجالاته أغدق عليه حزنا وكلمات وداع، ورثاه في مراسم بيانية مؤثرة.

وفي التاسعة والتسعين، وعن عمر ديني سياسي ناهز الثورة والقرنة والمصالحة، قرر الكارينال مار نصرالله بطرس صفير أن يخلد إلى السماء ويرحل بعد صراع مع شائعات الموت.

باني الكنيسة السياسية في لبنان، بطرك الموقف الثالث بعد أنطون بطرس عريضة الشاهد على الاستقلال الأول، والياس بطرس الحويك معمر لبنان الكبير وعلى ترسيم تاريخي، يقع مار نصرالله بطرس صفير عند حدود الثالوث الذي هندس الاستقلال، كل في مرحلته وجيوشه، لكن ما من معركة من دون خصومة. فالكاردينال صفير الذي عاصر حروبا ونزاعات ومعارك اقتحمت كنيسته، وجد نفسه يوما في قلب الصراع، وكان عليه أن يختار في الموقف.

وهكذا فعل، صالح في الجبل، وأقام نداء المطارنة الموارنة الشهير في العشرين من أيلول عام ألفين، داعيا إلى خروج سوريا من لبنان وإنهاء زمن الوصاية، ليخرج الوطن من مرحلة الانتهاك السياسي والاقتصادي.

قلنا ما قلناه، هي العبارة التي صاحبت الكاردينال صفير بعد هذا النداء، والذي قاده في ما بعد إلى رفد ثورة الأرز بكل إيمان، وإلى دعم قرنة شهوان بكل ما أوتي من تأمين المكان، ثم إلى تأمين الحاصل الكنسي لقوى الرابع عشر من آذار في دورتين انتخابيتين.

جاهد صفير وصرف من عظاته وصحته على صف سياسي، لم تنجده الصلوات لاحقا وبدأ تباعا بالضمور. لكن رهبة الرحيل أقامت التجمعات اليوم من بين الأموات. فتداعى لقاء قرنة شهوان إلى اجتماع لأعضاء كاد يغمرهم النسيان، وعلى الفقيد الرحمة، وله في لبنان أيام حداد، تزامنا ومراسم التشييع يوم الخميس المقبل.

والحداد لن يلف الليلة جلسة مجلس الوزراء التي ستجتمع على نية الموازنة لدرس ما تبقى من بنود متفجرة. وفيما الجلسة موعودة بصراع العسكر بدءا من الاثنين، فإن وصلة المنصورية ظلت على تأججها شعبيا ودينيا ورسميا، حيث تقام مراسم الحلول في الشارع. السكان يحتجون ويرتفعون على الصليب، والدولة تطرح حلولا بشراء الشقق والتي ستجر عليها عدوى مناطق أخرى متضررة، لكن أيا من الطرفين لم يقدم على حل يحتكم إلى منطق الدولة والقانون، والمفارقة أن هناك عشرة نواب تقدموا بطعن أمام المجلس الدستوري على قانون الكهرباء، وعرضوا كل المخالفات بهدوء، غير متأثرين بتوتر عال، فلماذا لم يتقدم المتضررون في المنصورية وعين سعادة بشكوى أمام المجلس المختص، وهذا كان جنبهم الصدام مع القوى الأمنية، ومشقة صعود الكهنة الى العواميد، وارتفاع الأبونا على الصليب.