وصل الحل لكنه أنزل فوق ميانمار على بعد سند وهند وضفاف إمبراطورية الصين وخليج البنغال… وليس في لبنان.
ففي جمهورية النزاع الدائم اقتيد رئيس ومستشارته إلى التوقيف وضرب العسكر زنار طوارىء في انتظار تسليم السلطة إلى الفائز في الانتخابات.
لن تكون أزمات لبنان على مستوى اضطهاد الروهينغا لكنه مع ذلك تسقط فيه كل المخارج لتحرير التأليف من القبضة الرئاسية. وبين كذاب بمرسوم جمهوري وآخر من رتبة رئيس مكلف، أدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري آلة فحص الكذب إلى التصريحات الجنائية الرئاسية بطرفيها فأظهرت النتائج أن جهاز الفحص اهتز تحت مواقف الرئيس ميشال عون.
وفي بيان يجنح الى اتهام رئيس الجمهورية متجنبا التسميات قال بري إن لا يجوز لأحد الحصول على الثلث المعطل، وسرعان ما عرف المتهم نفسه فأصدر قصر بعبدا بيانا لوحظ أنه رد فيه على أوساط سياسية وإعلامية وليس على عين التينة.
ونفى عون في البيان مطالبته بثلث حكومي مطلقا، لكنه حريص في المقابل على ممارسة حقه في تسمية وزراء في الحكومة من ذوي الاختصاص والكفاية يكونون موضع ثقة في الداخل والخارج.
وبذلك انتقلت حرب البيانات الى ضفة رئاسية ثانية أكد فيها رئيس مجلس النواب أنه لن ييأس وسيتابع. ووفق معلومات الجديد فإن مبادرة بري استدعت لقاء سريا مع الرئيس المكلف وقد نقلت المبادرة إلى الرئيس عون، من خلال وسيط حليف للطرفين فالتقى الوسيط رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي رفض الطرح متمسكا بالثلث المعطل. ولما أهدر التيار الحل الداخلي خرج رئيس المجلس بمقولة: العائق ليس من الخارج بل من “عندياتنا وهي عبارة ينصح بها قفا وجيد إذ تصلح للعنديات… والعناد.
فشلت كل المخارج لتاريخه في انتظار جرس آخر من باريس، ودور لم ينته للواء عباس ابراهيم، غير أن سيل البيانات الهادرة من بعبدا يؤكد في كل مرة أن رئيس الجمهورية لن يحرر التأليف إلا بثلث معطل، مهما بلغت الأزمة مستويات خطرة، ومهما استنزفت بكركي عظاتها، ووصلت الى حد قول البطريرك الراعي إن الشعب أصبح يتيما. وبتفسير عائلي لكلام سيد الصرح أننا خسرنا أبوة “بي الكل”.
ولا يبدو أن رئيس الجمهورية يشعر بذنوب الغربة عن الشعب فقد سبق أن سلك دروب إلغاء الآخرين أو الانفضاض عن شراكتهم بدءا من الشراكة الرئاسية مع سمير جعجع، وقبله تسرب أقطاب من كتلته النيابية كسليمان فرنجية، ومن ثم إطاحة سعد الحريري واليوم فإنه يضع حزب الله على مسار منحدر قابل للانفصال.
فمطالبة عون بالثلث المعطل تعني أن رئيس الجمهورية لن يستند إلى حلفه السياسي مع حزب الله، ولا يثق بهذا الحلف وزاريا ونيابيا، لتكوين الثلث من ضمنه والرئيس الذي يحكم باستفراد.
استخدم الارمن ووضعهم موقتا في خانة المحايدين الذين لا ينتمون الى كتلته… وعمل في المقابل على تقليص دور رئيس الجمهورية الذي هو لكل لبنان… وإذ به يصبح ثلث رئيس توسعت دائرة الخصوم مع القصر.
سمير جعجع… سعد الحريري… وليد جنبلاط… نبيه بري… الارمن المركونون جانبا… والشعب الذي ما عاد يشعر بأنه عظيم.
وكل هذا الأداء والعداء… من أجل وصول جبران باسيل على متن ثلث حاكم إذا ما وصلنا الى حكومة تصريف اعمال.
وخلف هذا الهدف تدور طواحين الهواء بمزاياها المعايير والدستور ووزارات داخلية وعدل… وما بينهما يتم “طحن” التدقيق الجنائي… كعلامة للجودة.