IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”الجديد” المسائية ليوم الاثنين في 2021/02/08

صدق اللبنانيون وبالإجماع على مزايا رجل صاحب الفخامة في ولايته السياسية الطويلة فتم رثاؤه بانتخابه رئيسا للحكمة والاعتدال والتوافق جان عبيد كون بوفاته وحدة لبنانية لم يلتق عليها الوطن الممزق يوما وكما كان في حياته رمزا وجسرا بين الطوائف والأحزاب والقيادات صنع غيابه المعجزات هو عقل لبنان الذي لاعب الأزمات بدبلوماسية نزع الفرقة وتوضيب الخلافات وتفكيكها للتفاهم عليها جالس وزراء الخارجية العرب فأصبح شيخهم بوقار ورصانة واتزان كانت طريقه تصادف دوما على متفرعات بعبدا لكن كرسي الرئاسة لم يأسر أحلامه الكبيرة بوطن يجمع ولا يفرق عاش مرشحا ومات رئيسا في اقتراع شعبي سياسي حاز الأكثرية المطلقة وفي يوم الرحيل استحضرت خصال جان عبيد التي هي أبعد من نيابة ووزارة ورئاسة وتمتد إلى عمق شخصية ركائزها آيات بينات وأسوارها سور من القرآن الكريم تسامحها من إنجيل مقدس ومخزنها ديانات السماء وتعاليم الأرض. فمن أين يأتي بمثله اللبنانيون وحال قياداتهم اليوم مسيلة للدموع وتكاد ترثي وجودها ومن أدمع على غياب عبيد من هذه القيادات كان يسد عليه الطريق إلى القصر الرئاسي وبتوافق على إبعاد الآدمية عن القصور الحاكمة وإذا كانت كورونا قد ظفرت اليوم بعقل من رتبة شرف سياسي فإن الوباء الغرائزي يستحكم بالعقول الموجودة على قيد السلطة وترفض كل الحلول من الداخل والخارج. وأمراض لبنان المستعصية استدعت اليوم نداء رسوليا عاجلا صاغه البابا فرنسيس آملا أن يتجدد الالتزام السياسي الوطني والدولي لتعزيز استقرار بلد يمر بأزمة داخلية وخطر فقدان هويته والانغماس داخل التجاذبات والتوترات الإقليمية وشدد الحبر الأعظم على أهمية أن يحافظ لبنان على هويته الفريدة، من أجل ضمان شرق أوسط تعددي، متسامح ومتنوع، يقدم فيه الوجود المسيحي مساهمة فعالة، ذلك أن المسيحيين هم النسيح التواصلي والتاريخي والاجتماعي واضعافهم يهدد بتدمير التوازن الداخلي والواقع اللبناني نفسه وسرعان ما “سيل” النائب جبران باسيل كلام البابا على الطريقة التي يريد بها التيار حماية المسحيين لناحية التوازن تأمينا للاستقرار الداخلي وقد تصدر عن التيار طبعة منقحة لتفسير رسالة رأس الكنيسة الكاثوليكة في العالم وإضافة وحدة المعايير إلى نسختها لكن البابا في رسالة خطر فقدان الهوية إنما يتوجه إلى لبنان والخارج معا ويدرك أن كلام الكنيسة يتمتع بنفوذ في أوروبا واليوم باتت رسائله أكثر إصغاء في أميركا التي يرأسها جو بايدن ابن الكنيسة الكاثوليكية والمؤمن بتعاليمها وإلى حين الركون إلى صوت من عند الله فإن لبنان بين يدي شياطين الأرض حيث العلاجات متوقفة ما خلا انتظار محادثات يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري في باريس مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وتكون موصولة بردود فعل بعبدا وزيارة الحريري لفرنسا تأتي بعد دعم مصري واماراتي واشراك تركي وتوافق محلي على المبادرة الفرنسية ومن ضمنه حزب الله ولكن كله رهن بتفكيك لغم الثلث المعطل الذي لم ينزع من منصة بعبدا برئيسيها: الاصيل والرديف.