على أرض وطن يتهم فيه رئيس جمهورية رئيس حكومة مكلفا بالكذب ..وفي بلاد تخطف التأليف رهينة.. يفجر فيها مرفأ مدينة .. يتناوب زعماؤها على تبادل أرقى انواع التنكيل السياسي جملة وتفصيلا يسربون، ويبثون سموم البيانات المحتقنة الحمقى .. يصبح الإعلام وحده مرتكب جريمة. وعلى هذه الأرض .. ما يستحق الحياء قليلا .. فمن كان في مثل مواصفات سلطة كهذه تدارى وأخفى صوته وطلب السترة على حجم المعاصي .
لكن لجنة الإعلام والاتصالات برئاسة النائب حسين الحاج حسن قررت الانقلاب على الإعلام واستدعاءه الى جلسة محاكمة نيابية. هي لجنة تعكس تمثيل الأركان السياسية والأحزاب المتحاربة على كل تفصيل ..استدعت ومن دون صفة رؤساء مجالس إدارات المحطات التلفزيونية في تدبير يلغي دور القضاء ومحكمة المطبوعات والمجلس الوطني ووزارة الإعلام.
فالمهمة التشريعية للجان النيابية لا تخولها لعب دور التجسس السياسي والرقابة المسبقة واللاحقة ولا منح أذونات بالبرمجة والبث وتقييم الأداء وإلا تحولت إلى هيئة أمر ومعروف ونهي عن المنكر الإعلامي أو دخلنا في نظام المطاوعة على حد وصف نائبة رئيس مجلس إدارة قناة الجديد كرمى الخياط.
والجلسة ارتقت إلى مصافي النقاش السفيه لدى بعض النواب ممن أوتي بهم للدفاع عن نظام قمعي يشكل خطرا على الهواء الحر الذي لا يلوثه إلا السياسيون أنفسهم .
واللافت أن استدعاء الإعلاميين مرتين في عام واحد كان بقصد بحث قضية تخص حزب الله وشارعه وهذا ما عدته خياط امرا مؤسفا على زمن يغرق فيه القطاع الإعلامي والبلد بالأزمات المتراكمة وهي اللجنة نفسها التي لم تتخذ أي تدبير عندما لوحق الإعلام عسكريا ونالت الجديد أكثر الحصص في كل أنواع التعديات ضربا وحرقا وبالرصاص الحي .
فيما رئيس اللجنة حسين الحاج حسن لا يجرؤ على المطالبة بإعادة بث الجديد لا بل هو أعطى حجب البث مسوغا شعبيا وكلف الجمهور مهمة القطع وعدم الوصل قائلا في عبارة غليظة ” هناك جمهور يتفاعل مع المحتوى والأكثر تعديا في كلام الحج حسن إعلانه أن اللجنة ناقشت اوضاعا إعلامية تؤثر في الاستقرار.
والترجيح الأبعد مدى أن بعض مكونات اللجنة ورئيسها والمحفزين عليها يشكلون ضررا على الاستقرار .. وينصح بعدم ظهورهم أو تكرار تجربة اجتماعاتهم .. وحرمانهم ترؤس لجان يجلهون مهماتها ..وهم على عداء معها ومع حرياتها وحال اللجان .. من أحوال بلد لا يغادره الجهلة والطاعنون في التعطيل المرشح لمزيد من ضياع الوقت. وعلى هامش هذا الوقت المهدور .. زيارة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لعين التينة ولقاؤه الرئيس نبيه بري ..
ولقاء الرئيس المكلف سعد الحريري في قطر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن بن جاسم ال ثاني لا جديد تحت سقف الحكومة من بيروت الى الدوحة سوى تدوير زوايا التأليف الذي أجراه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في فتح النقاش على حكومة العشرين او الاثنين والعشرين ولم يغلب نصرالله فريقا على فريق فهو أرسل بنصائح الى مختلف الجبهات الحكومية ..
فكانت ضربة على حافر سعد وضربة على مسمار عون الذي لم ينصره بالثلث المعطل وإذا ما توسع النقاش في العشرين فإنه لن يبقى في الميدان سوى حديدان الارمني فرع الطشناق وارسلانيان الدرزي فرع دارة خلدة وعموم آل وهاب وعلى تمثيل الموحدين .. اندلعت سجالات جديد فجرها النائب بلال عبدالله بدعوته ارسلان الى ان يتمثل عبر وزير ماروني .. وهذا ما أثار ردود فعل عنيفة من حزبي التوحيد والديمقراطي اللبناني .
وخلاصة السجال .. لا حكومة ستؤلف في المدى المنظور .. لا تصريف اعمال فعال .. ورئيس الجمهورية سيفعل الحكم من خلال مجلس الدفاع الاعلى الى ان يحصل على الثلث المعطل .. اما جبرانه الذي يستعد لمؤتمر الاحد فهو يعتزم شد العصب المسيحي لاستعادة الجمهور .. وكأنه يقول لبابا روما والبطريرك الراعي : انا من سيمسك بالوجدان المسحيي طالما ان القوى الاخرى مخفوت صوتها .. وتتلهى بانتخابات فرعية .. ونيابية مبكرة .. وهي لن تحصل على الانتخابات في مواعيدها المقررة رسميا .