Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”الجديد” المسائية ليوم الأحد في 2021/08/29

تحتجب المحطات عن الظهور يوم الأحد، لكن محروقاتها الأهلية حاضرة وخراطيمها أصبحت خطرا على شوارع وقرى وبلدات متجاورة، عنقون- مغدوشة، في عز اشتداد الحرب الأهلية لم تنشطر محورين، تهجرت قرى شرق صيدا وظلت مغدوشة ممرا لعنقون حربا وسلما. وكانت اللجان بين البلدتين تعمل على صياغة سياج يحمي المنطقة من الطلقات السياسية القاتلة. قريتان لم يطلهما سيف الطائفية، وإذ بالصراع على المحروقات يفعل ما عجزت عنه الحرب.

وبدلا من أن يكون نواب المنطقة عيونا ساهرة على إعادة الأواصر، راح كل نائب يصرخ دفاعا عن بلدة دون أخرى. تصريحات ومواقف تصب الزيت على النار وتلعب في منطقة خطرة من دون وخز ضمير. أما من كان ضميره حيا، فهو سمير جعجع، “ولتكن مشيئتك يارب”، فقيادي الحرب في شرق صيدا “صاحب الأقدام التهجيرية” كما وصفه كريم بقرادوني في كتابه “لعنة وطن”، نراه اليوم على صورة الناسك الذي دعا إلى إنزال الجيش بكثافة وقوة في البلدتين، وإعطائه الأوامر اللازمة لوقف أي أعمال تعد وتخريب، وتسطير مذكرات توقيف فورية بالمعتدين، كل المعتدين، إلى أي من البلدتين انتموا، ماذا وإلا تعتبرون أنكم تفرطون في آخر ما تبقى لنا من السلم الأهلي.

وسواء بالمواقف المهدئة للنفوس كتلك التي أطلقها جعجع، أو تلك المؤججة لبعض نواب شرق صيدا وجزين، فإن الأسباب المباشرة لنشوء محور عنقون مغدوشة، هي فوضى انعدام السلطة وتناثرها قطعا، وسقوطها مضرجة بدماء مؤسساتها الغارقة بالفلتان. والحادث الخطر في شرق صيدا لم يكن وحيدا وليس لأسباب طائفية. لأن الطوائف أفلتت على بعضها بين المكونات والمذهب الواحد، ودفعتها السلطة الغائبة إلى تكوين غاباتها بحثا عن مقومات العيش واستمرار الحياة.

وبدا أن انتظار الحل من الدولة، مرض عضال ميؤوس منه. فقد غابت كل مظاهر التأليف الحكومية ولم يتم وضع خطط للأسبوع المقبل، وسط أمر مريب ظهر على المحيا السياسي للرئيس المكلف نجيب ميقاتي، فهو كان قد وضع مهلة لم تتعد شهرا واحدا للتأليف، وإذ به يعلن مؤخرا أن الاعتذار ليس مطروحا على أجندته، فهل استشعر ميقاتي أن رئيس الجمهورية بعد الاعتذار سيكلف شخصية سنية بأقل الاضرار الممكنة؟.

هل أدرك نادي الرؤساء السابقين أن العماد ميشال عون سيلعبها كبيرة إلى نهاية العهد، ويكلف رئيسا وإن بأصوات هزيلة؟، خصوصا أن الدستور لا يحمل هنا أي عقبات وموانع تعيق التكليف وإن بعدد قليل من النواب، وإذا التقط رئيس “تيار العزم” هذه الاشارة أو وصوله الإيحاء بها، عندها سيكون نجيب ميقاتي آخر الرؤساء المكلفين من اليوم وحتى نهاية العهد، وبموجبه فإن التأليف مطلوب اليوم بمذكرة بلاغ بحث وتحر. ورئيس الجمهورية لم يعد لديه ما يخسره وسيبقى متشبثا بالثلث المعطل، الى أن يقضي الله عهدا كان مفعولا.

أما المواطنون، فأحوالهم هي المعطلة، وبلادهم قطعت الشفير وأصبحت في الانهيار، ومن عمق هذا الانهيار تجري عمليات القبض لمن قبضوا على أرواح الناس والمرضى، وبينهم ربيع حسونة المتهم ليس بالاحتكار وحسب، إنما بجريمة اختلاس المال العام، قد تتفعل قضية الملاحقات في دائرةالمحتكرين سواء في سوق الدواء او المحروقات.

أما المرفوع عنهم الحجاب في المساءلة فهم سلطة المرفأ، وإذا كان جميع المطلوبين للقضاء العدلي من سياسيين قد لجأوا الى الحمايات النيابية والطائفية، فإن دور الأمن العام في هذا الملف تبرزه قناة “الجديد” اليوم، عبر مراسلات تثبت أن المديرية العامة للأمن العام لم تغفل أي من المراسلات، وأن دورها ينتهي عندما يتسلم القضاء الملف ويضع يده على معظم التقارير.