كما طوّعتِ الحياةَ في خدمةِ سعادتِها رَوّضتِ الموتَ وزوّقته كفستانِ سهرة وحَوّلت تشييعَها إلى حفلِ زواجٍ مع الموت. لا يومَ كيومِكِ يا صباح بدّلتِ طعمَ الرحيل وفرضتِ طقوساً غيرَ مألوفة على الحزن دلعُ الحياة ظَلّ ينبضُ في الجثةِ الهامدة ففاضَ على مراسمِ التشييع موسيقى ورقصاً ودبكات وكنيسةً مبتسمة وجمهوراً أحبكِ حدَّ خلعِ الأسود مدينتُك التي هاتفتِها يوماً بـ ألو بيروت” ردّت اليومَ على الهاتف وجاءت إليكِ تستقبل “حلوة لبنان” شحرورةَ أوديتِه إسطورةَ فنِه فإجتمعَ الوفاءُ على بابكِ وعزفَ العسكرُ المجروح تسلم يا عسكر لبنان يا حامي إستقلالنا.
في تشييعكِ كُنتِ الصباح.. ودَوّنتْ لكِ فيروز على إكليلِ وردٍ أبيضَ بأن “شمسك ما بتغيب” وواقعاً كان النهارُ برّاقاً كأغنية مُشعاً بالمحبين متلألئاً كأيامِ اللولو يتدافعُ فيه الناسُ لإلقاءِ التحيةِ على شقراءِ الفن التي عاشتِ الحياةَ على حُبٍ ورُمح كَسَرتِ التقليدَ في الظهور وحطّمتْهُ في الغياب.
سيدةٌ من مرجان إستعانَ بها إسمُ لبنان فكانت وطناً بأغنية وجَسّدَتِ العشقَ بصوت مَن رفضَتْ مصافحةَ رئيسٍ للجمهورية يوماً على أدراجِ بعلبك تعالتْ في موتِها على الأوسمةِ التقليديةِ الرسمية فرفضتْ منحَها وساماً على جثّة وفضّلت أنْ “ترجع عالضيعة وبلا هالبيعة” وبأسهمٍ ناريةٍ تشبه قدومَ المهرجان عادت صباح إلى “ضيعتها عالأرض الي ربّتها وتحتَ قرقعةِ سيوفِ الغناء شقَّ موكبُها وادي شحرور فبدادون حيث توفي نِدرَها بتقبيلِ الأرضِ التي أحبتْها وغداً كما قلّدوها في أزياءِ الحياة سيتمُ تقليدُ صباح في طريقةِ الموت وتحويلِه إلى يوم زفاف.