الرجلُ الثالثُ بين زعيمين .. واثقُ السرّ .. يمشي شاهداً مصطفى ناصر المستشارُ الصامت .. الصّندوقُ الأبيض وحارسُ أسرارِ الكبار .. كاتمُ الصوت الذي تمرّس في حفظِ أصولِ المجالس بأماناتِها هو اليومَ الأمينُ العامّ للشهادات من سبقَه إلى المحكمة الدَّولية أحبّ رفيق الحريري .. صادقه .. حاباه .. لكنْ ومِن الحبّ ما قَتلَ السُّمعة لكنّنا اليوم أمام شاهدٍ “مُصطفى” .. ناصَرَ الحريري في حياتِه .. وظلّ مستشاراً إلى مرحلةٍ أحتاجَه فيها الشهيدُ في الممات ومن مجرياتِ شهادةِ اليوم يَتّضحُ للرأيِ العامّ أنّ مصطفى ناصر والمعاونَ السياسيّ الحاج حسين خليل .. وحدَهما يملِكان مفاتيحَ سنواتِ العَلاقةِ بينَ رفيق الحريري والأمينِ العامِّ لحزبِ الله السيد حسن نصرالله حيث كانت الاجتماعاتُ محصورةً بينَ أربعةِ رجالٍ ولم يكن يدخُلُها حتى أقربُ الأمنيينَ المقربين إلى رئيسِ الحكومة آنذاك كالشهيد وسام الحسن الذي كان ينتظرُ في الخارج .. فمِن أين أتت ذكرياتُ الشهودِ السابقين .. وكيفَ اتّسعت ذاكرتُهم لحكايا لم يكونوا شهوداً عليها متكئينَ فقط على أسرارِ الفؤاد .. ومضبطة اتهامِهم: دمعة ظلّت حبيسةَ سيارةٍ وكتِف وفي شهادتِه دَفع مسشتارُ الرئيس الراحل نحوَ عَلاقةٍ متينة بين الحريري والمقاومة كان فيها الرئيسُ الشهيد مستعداً لقطعِ أصابعِه العشْرِ قبلَ أن يوقّع على نزعِ سلاحِ حِزبِ الله الذي سيبقى إلى ما قبلَ ثانيةٍ واحدةٍ من توقيعِ السلام مع إسرائيل وعندئذٍ يصبحُ في يدِ الدولة حاول الدفاعُ سحبَ الشاهدِ إلى مِنطقةٍ متوتّرةٍ من العَلاقة بين الطرفين لكنّ مصطفى ناصر أدلى بما كان شاهداً عليه من حواراتٍ توثق مرحلة كان فيها الحريري على ود مقاوم وينحسبُ هذه الود على سوريا حيث كان الحاج حسين خليل يحضّر قبل الاغتيال بأيام لزيارة سيقوم بها الحريري الى دمشق وخلال مجريات جلسة اليوم أقدمت المحكمةُ الدولية على ما يمكن تسميتُه بلغتِها : تحقيرَ سيرِ الشهادة وعرقلةَ مسارِها عندما أوعزت الى الشاهدِ تحديدَ مكانِ إقامتِه على الخريطةِ وبدقة .. ما يعني أنها تُعريّه على الملأ علماً أنّه يفترضُ بها تأمينُ حمايتِه ضِمنَ بَرنامَجِ حمايةِ الشهود فإذا كانت المحكمة قد أرادت تحديدَ مكانِ الأمانةِ العامةِ لحِزبِ الله والذي سوّته اِسرائيلُ بالأرض بعد حربِ تموز .. فإلآم تهدِفُ اليومَ من خلال كشفِ مقرِّ الامانةِ العامة لحفظِ الأسرار ؟ لمن تقولُ المحكمةُ نِصفُ الدَّوليةِ اليوم : هذا بيت مصطفى ناصر في أدقِّ مراحلِ الشهادة التي يَمُرُّ بها الرجل ؟ والشهادةُ لله .. المحكمةُ تُبلَغُ وتُعطي إحداثياتٍ لغير طرفٍ شريكٍ معها ومِن وراءِ الستار . والشهادة الناصرية .. تستكمل مسارها بعد يوم أول رسم الأحرف الاولى لعلاقة اختتمت بوقار بين المقاومة والشهيد . لكن علاقات اليوم بين الورثة تضرب بسيف اليمن ومحراب السعودية .. وعلى الرغم من سريان مفعول حبوب الحوار المخدرة فقد إرتفعت لهجة البيانات بين الطرفين برد من وحي طقس الروم المائل الى المطر .. فرعدت مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في بيان موجه للشيخ سعد الحريري .. لكن حروب البيانات لن تُصرف على الجبهات إذ أن رقصة البواخر الايرانية في المضائق .. وتصريح المرشد الاعلى علي خامنئي عالي الامواج .. كله سيرسو في النهاية على شاطىء حوار سياسي يقود اليمن الى حلول بالتراضي .