أربعون سنةَ حربٍ وما زلنا نعيشُ ” جَهلةَ الاربعين ” التواقة الى تجاربِ النارِ الصغيرة من دون ان نبنيَ بيتاً بمؤسساتٍ كثيرة الثالثَ عشر من نيسان عامَ خمسةٍ وسبعين صعدَ الوطنُ في بوسطة ولما وصلَ بعد خمسةَ عشرَ عاماً أدخلوه في بوسطةٍ ثانية ما تزال تواصلُ سيرَها بلا توقف متجاوزةً محطات دستورية .. حتى اصبحنا وطناً ينتحب ولا ينتخب .. منزوعَ الرأس .. وببضعِ وزارةٍ تمشّي الحال وإذا أختلفت على رأي أقفلت حانتَها وانزوت معكتفة أربعون سنةً ولم نبلغْ سنَ الرشد .. كنا نحيا بأوصياءَ يأخذون بيدنا إنتخابياً ولما أنشغلَ الاهلُ الاقليميون عنا بحروبٍ على أراضٍ أخرى بتنا أولادَ شوارع .. نلعبُ فنمدد .. نتشاجرُ فنضربُ رأسَ بعبدا بصواريخَ فراغية .. نغلي على نيرانٍ طائفية ولا نقدمُ للشباب أقلَّ حقٍ في الانتخاب أو نحلمُ بقانونٍ يشبه التمثيلَ النسبي ولو بموادهِ الاولية .
ولأن كلَ هذه الاحلام بعيدةٌ فلبنانُ يعيشُ اليومَ بيومِه لكأنه يبدأُ من الصفر .. وبالكاد يلملمُ أزماتِه عند اطرافِ الدول المشتعلة بالحروب وبينها أزمةُ السائقين والموقوفون قسمة ونصيب .. تحررَ منهم اولئك الذين أحتُجزوا عند معبر نصيب على الحدود مع الاردن وظل عالقاً من هم عند معبر العمري على الحدود السعودية ويقيمون في ظروفٍ مأساوية منذ أكثرَ من خمسة وعشرين يوماً تولى وزيرُ الزراعة رعايةَ التحرير فأكرمَ الجيش َ الحر بشهادةِ أمتنانٍ على دورِه .. وتلك من العادات اللبنانية بشكرِ كلِ مضيفٍ لنا حتى ولو كان خاطفنُا.
والملفاتُ الامنية بشكواها المحلية حملها وزيرُ الداخلية نهاد المشنوق الى الرئيس سعد الحريري في الرياض بعد عودةِ الحريري من الدوحة حيث التقى أميرَ قطر ويرجحُ ان يكون المشنوق قد أبلغَ مجلسَ أمنِهِ القومي الممثل بالرئيس الحريري امتعاضَه من ردود الفعل التي تعُتبرُ “أهلية بمحلية” المعترضةُ على طريقةِ المداهماتِ في طرابلس .. غير انهُ وللانصاف فإن النائب خالد الضاهر لم يكن بين هذهِ الاصوات بسببِ وعكةٍ المَّت به إثرَ عودتهِ من رحلةٍ صاروخية .
ومن الرحلات الى فضاءِ المحكمة الدولية مَثُلَ الصحافي علي حمادة اليوم بصفتهِ ساعي بريدٍ بين سوريا والرئيس الشهيد رفيق الحريري لكن شهادتهُ عكست وِداً شامياً للرئيسِ الشهيد وإنّ تحدثَ حمادة عن ضغوطٍ وتهديداتٍ من إستخباراتٍ لبنانية على ان تعاودَ المحكمةُ الاستماعَ الى مستشار الحريري مصطفى ناصر يوم الاربعاء من بيروت وليس لاهاي .. والفارق بين المكانين أن المحكمة أقدمت عمداً على كشف موقع منزل الشاهد ناصر ودفعته الى كتابة محل أقامته على الخريطة وأمام ملايين المشاهدين علماً انها مكلفة نظام برنامج حماية الشهود وتدعي أنها حريصة على أمنهم وأسرارهم ومحل أقامتهم تحاسب المحكمة قناة الجديد على تهمة أرتكبت ما هو أخطر منها .. وإذا كنا نحن معشر الصحافة قد أقدمنا على تغطية على ان تعاودَ المحكمة الاستماع الى مستشار الحريري مصطفى ناصر يوم الاربعاء من بيروت وليس لاهاي .. والفارق بين المكانين أن المحكمة أقدمت عمداً على كشف موقع منزل الشاهد ناصر ودفعته الى كتابة محل أقامته على الخريطة وأمام ملايين المشاهدين علماً انها مكلفة نظام برنامج حماية الشهود وتدعي أنها حريصة على أمنهم وأسرارهم ومحل أقامتهم تحاسب المحكمة قناة الجديد على تهمة إرتكبت ما هو أخطر منها .. وإذا كنا نحن معشر الصحافة قد أقدمنا على تغطية وجوه الشهود والاكتفاء بالاحرف الاولى من أسمائهم وحرصنا على عدم تعريضهم لأي خطر فكيف تجنح المحكمة الدولية الى تعرية أماكنهم وتتركهم في مهب الريح؟ ازدواجية لها بحث آخر.