يرتفع الحديث عن تفعيل قانون الإعدام في لبنان، بعد الجرائم المتعددة في الشهرين الأخيرين. وقد نجح المجتمع الأهلي وذوو الضحايا اليوم في رفع صوتهم، في حركة احتجاجية دفعت وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى التأكيد للمرة الثانية في أربع وعشرين ساعة على سعي الدولة لتطبيق عقوبة الإعدام، لكن أول من يجب أن تعلق له الحبال هو في مواقع الدولة نفسها، بدءا ببعض القضاء المتهاون في تسريع محاكمات المجرمين، وأولئك المنتظرين بت ملفاتهم والفصل فيها.
وما دام الإعدام سيطبق، فلبعض الطبقة الساسية حق الشفعة، لاسيما إذا ما استمرت في جريمة سرقة السلطة للمرة الثالثة، وتهاونت في ترك البلاد للفراغ، وتجادلت إلى يوم الدين في قانون الانتخاب. والى حينه فإن كل العفاريت والشياطين حاضرة، وتسكن تفاصيل القانون الذي أدرج بندا أول في جدول أعمال مجلس الوزراء في بعبدا يوم الأربعاء. وهذا الموعد أطاح جلسة الاثنين النيابية، التي رحلت إلى السادس عشر من الجاري، لتقف الجلسة النيابية على خطوط فاصلة، وعلى مرمى أربعة أيام فقط من تاريخ نهاية ولاية المجلس.
وإذا كان لبنان سيعرف من القانون الظاهر على آخره، فإن المنطقة العربية تقع تحت مناخ عاصفة الصحراء التي أججتها الولايات المتحدة. واللافت في الساعات الماضية تبادل الأدوار بين الأميركيين أنفسهم، ففيما دعا وزير الخارجية تيلرسون إلى خطوات فورية للتهدئة في الخليج، كان الرئيس دونالد ترامب يرفع السقوف في وجه قطر، ويقول إنها مولت تاريخيا الإرهاب وحان موعد وقف هذا التمويل. فإما أن القيادات الأميركية تتبع أسلوب المناورة، وإما أن أميركا تعبر بتصريحاتها عن خلافات عميقة تعصف بإدارتها، لاسيما بعدما بدأت الدعاوى القضائية تخرج من الدوائر الرسمية ضد الرئيس الأميركي، وتتهمه مع ابنته بسرقة أموال الأطفال المرضى، وبالحصول على هدايا ومكرمات من حكومات أجنبية من دون موافقة الكونغرس.
وعلى الأرجح، فإن الأربعمئة والثمانين مليار دولار التي استحصل عليها ترامب من السعودية، لم تدخل في باب المساءلة بعد، لكنها حققت مكاسبها سياسيا، بعدما ضربت الخليج بالخليج.
وبمبدأ المساءلة، ومن الأبواب الملكية نفسها، فقد سقط سهوا من تقرير لمحطة المر بالأمس إدراج وثيقة صادرة عن موقع “ويكيليكس”، يكشف عن عشرين مليون دولار طلبها رئيس مجلس إدارة ال mtv ميشال “ريال” المر من السعودية، لقاء تقديم خدمات وتلميع صورة، ومواجهة الإعلام المعادي للمملكة. هذا هو إعلام البلاط المجهز بلائحة خدمات، وما على الأمراء إلا أن “ينقوا ويستحلوا”، و”الهوى” متوافر وبالخدمة على أنواعه.
ولما فتحت ال mtv هذه الأبواب في نشرتها، فإننا وفاء لمشاهدينا سنرد لنذكر الرأي العام بحقيقة هذه المحطة، وسعيها وراء سياسة الأمر ومنح المنكر. ولرداءتها في المهنة والمهنيين، فقد ظنت أنها عثرت على خبطة العمر، عندما وقع بين أيديها شريط أكل عليه الدهر وشرب لأمير قطر السابق يعلن فيه دعم محطة “الجديد”.
ولمهنيتكم فقط، فإن هذا التسجيل سبق وبثته كل الأمم قبل سنوات طويلة، ولكن الأهم أن رئيس مجلس الإدراة تحسين خياط سبق وأعلن جهارا عبر برنامج “الأسبوع في ساعة” أن لدى “الجديد” مساهمين من قطر والسعودية، وهذا الأمر لم يكن سرا نخجل به. فإذا كانت ذاكرة الmtv ضعيفة جدا، فإن لموقع “ويكليكس” ذاكرة حية.