“سكرت” ووجد السياسيون أن دوائرهم الانتخابية دخلت دائرة مغلقة، وأن كل الطروح سقطت، وليس هناك من طرف سيمتلك مفتاح الحل بمفرده، فالتهديد بالفراغ من قبل رئيس الجمهورية قوبل بـ”لا” النافية للغياب البرلماني من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري. أما رئيس الحكومة فسوف يجد نفسه مع حزيران المقبل أن عليه النطق بالحكم وتأييد خيار من اثنين: عون أو بري ليصبح خاسرا خاسرا في كلا الحالتين. فإلى أين بعد الوصول إلى الحلقة المفرغة؟.
لم يعد أمام المعنيين سوى قانون “الحشرة”، والقبول بصيغة جديدة حتى ولو جاءت أسوأ بستين مرة عما سبقها، والمسارعة إلى “تتبيل” قانون من حواضر البيت الانتخابي، وعرضه للاقرار بصورة براقة تتيح للسلطة تأجيلا تقنيا بضعة أشهر.
واستنادا إلى انسداد الأفق، يأتي كلام النائب جورج عدوان ل”الجديد” عن مسار دستوري قال إنه الصحيح، ويقتضي من الحكومة أن ترسل مشروعا انتخابيا إلى مجلس النواب، وأن تنصرف بعد الموازنة إلى جلسات متتالية لوضع الصيغة. وقال عدوان إن القانون الممكن في الوقت الحالي هو المختلط، لأنه في الوقت المتبقي سيصعب إنجاز مشروع يكون على مسافة مشتركة بين الجميع.
غير أن عدوانا سياسيا قد يواجه هذا المسعى، فمن سيضمن أن مشروع الحكومة الجديد سيجري طرحه على التصويت في جلسة عامة لمجلس النواب؟. ومن لديه حسن نيات في التشريع إذا جاءت الصيغة مخالفة للنيات السياسية، لاسيما أن تجارب السنوات الماضية تعلم وقد سبق وأن رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري إدراج المشروع الحكومي من بين سبعة عشر مشروعا على جدول أعمال جلسة عامة، لأن من شأنها أن تؤدي إلى حرب أهلية، وعلى هذه الحال قد يتسبب قانون الحكومة الجديد بحرب عالمية؟.
والحرب بالحرب تذكر، مع سريان مهلة الثلاثين يوما التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهزيمة الإرهاب المسمى “التطرف الإسلامي”، وفق مفهوم الإدارة الأميركية، وبميزانية وصلت إلى أربعة وخمسين مليار دولار. وعمليا ستكون مساحة الإرهاب ممتدة من غربي الموصل إلى الرقة وإدلب ودير الزور، أما النتيجة فستكون بهرب هؤلاء أو قتلهم او استسلامهم، والهرب سيكون متاحا إلى دول مؤهلة ولديها طرق معبدة، كما يحصل من سيناء إلى ليبيا حيث اشتدت المعارك في الأيام الأخيرة مع لجوء المئات إلى أرضهم الخصبة.
لكن عيون ترامب ستكون مطمئنة إلى الحدود اللبنانية بكامل فروعها واتجاهاتها، حيث للحدود جيش يحميها وحزب يضبط الإرهاب قبل وصوله ويحجزه من أرضه السورية. وإذا ما خلص الرئيس الأميركي إلى هذا الاستنتاج، فستكون مصالحه في تصنيف “حزب الله” منظمة صديقة تساعده في تطبيق خطته ومن دون إنفاق دولار واحد من جيبة البنتاغون.