في المعتقلات الإسرائيلية كانت الأمعاء الخاوية نضالا للحرية وفي الحراك اللبناني بدأت حرب الإضراب عن الطعام ضد سلطة تحتل المؤسسات العامة وتتعاقد مع الكرسي ومع شركات “الألتيكو” السياسية لصقا وتمديدا مانعا لإجراء أي انتخابات خمسة شبان قرروا الإضراب عن الطعام أمام مبنى وزارة البيئة وآخرون نشطوا في اتجاه عدادات “البارك ميتر” التي ضيقت على الناس حتى عند الطرق الحرة المطلة على النفس الأخير والمتاخمة لبحر قضموا شاطئه ردما واعتداء على الأملاك البحرية العامة لم يسع السلطة وأجهزتها المموهة بثياب مدنية سوى توقيف الناشطين اللذين حاولا تعطيل البارك ميتر ما استدعى اعتصاما أمام وزارة الداخلية بالتزامن مع اعتصام آخر قرب وزارة العمل في المشرفية نفذته لجنة المتابعة لحراك التاسع والعشرين من آب ودعت إلى المشاركة في الاعتصام المركزي في التاسع من أيلول موعد انعقاد طاولة الحوار وخميس الشارع سيختلف عن جمعة العماد عون التي يستعد لها التيار الوطني غدا علما أن مطلبا واحدا وأساسيا يتشاركه الطرفان وهو قانون الانتخاب..
معضلة هذا الزمن التي ليس من مصلحة أي طرف سياسي حلها ما دام التمديد أوفر ويحفظ المكتسبات والأوزان والأحجام السياسية فقانون الانتخاب هو عدو السلطة وصناديقها تطْبق على قلوبهم إذا ما فتحوها للاقتراع وجنيف الحوار لن يعطينا اتفاقا نوويا في السياسة بل إن كل مسعاه هو شراء وقت وتخدير شارع متحرك وإذا ما استطاعوا إلى التخدير سبيلا فإنهم يلجأون إلى سحب الثقة من الحراك الشعبي الذي اعترفت به الأمم المتحدة بالأمس وأعطتْه مندوبة بانكي مون وصفا غير مسبوق إذ قالت داخل جلسة لمجلس الأمن: إننا أمام نمو مجتمع مدني علماني عابر للطوائف وبموجبه فإن حراك المدنيين في لبنان معترف به من أعلى هيئة أممية ومخون مدفوع الأجر بحسب تقويم السلطات اللبنانية التي يعرف أركانها أكثر من شعبها كيفية تخوين الناس وسبل القبض وتقاضي الرشى لقاء المواقف وفيما الحراك في الشارع يتخذ أشكالا مختلفة فإن العماد ميشال عون الذي يتوجه إلى اللبنانيين بخطاب هذا المساء سيدعو مناصريه إلى شارع آخر لا يعرف ما إذا كان سيتلقى فيه تعبئة من الحليف والحزب الداعم سياسيا أعطى اليوم موقفا يؤيد حرية التظاهر لكنه يرد أسباب الفساد الى زمن نام فيه اللبنانيون على حرير إذا أكدت كتلة الوفاء للمقاومة أن ظاهرة الفساد وبلوغ الاهتراء في مؤسسات الدولة لم تأت من فراغ بل هي وليدة أداء من أمسك بالسلطة على مدى عقود من الزمن وأعطى النائب حسن فضل الله رسما تشبيها يكاد ينطق ويقول إنها حكومات رفيق الحريري والذي يحاوره الحزب ورثته اليوم في لقاءات عين التينة السرية.