لم يختلِفْ ثلاثاءُ اللجانِ عن سائرِ أيامِ العُطلةِ السياسيةِ المزمنة فقد عادتِ اللجانُ إلى أعضائِها ورؤسائِها ومقرّريها وانتُخبَ ما هو ممدِّد وعاطلٌ مِن العمل في أجواءٍ من الودِّ والأُلفةِ التي لا تشبهُ يومَ التدافعِ الكبيرِ في مشاعرِ لَجنةِ الأشغال حينذاك توهّم اللبنانيون بأنّ اللَجنةَ قد تم مصرعُها ولاقى أعضاؤُها حتفَهم شعبياً وأنّ بعضَهم قد استدعاهُ القضاءُ لمساءلتِه عن الملياراتِ المتطايرةِ في حفلةِ الاتهاماتِ بالسّرِقةِ والفساد لكنّ شيئاً من هذا القبيل لم يحدُث ووصل النوابُ إلى ساحةِ النجمة باستعدادِهم التامِّ لإعادةِ إنتاجِ أنفسِهم داخلَ اللِّجان والتصويتِ لمَن رَفعوا الصوتَ في وجهِهم ذاتَ لَجنة الصراخُ اختفى بعدما تبيّن خلُوُّه من الموادِّ المتفجرة وأنّه مجردُ قنابلَ صوتية وعَلَت مكانَه توسّلاتُ رئيسِ المجلسِ إلى النوابِ ومناشدتَه الحاضرينَ تشريعَ الضرورة قبل أن يُرمى لبنانُ في مستوعَبِ التصنيف ويُحرَمَ الأموالَ الممنوحةَ دَولياً وبعد صلاةِ الاستسقاءِ النيابيةِ لبري لم تُمطرْ سماءُ الكُتَل ولم يأتهِ “الهطولُ” إلا من صوبِ القواتِ التي أبدى نائبُ رئيسِها جورج عدوان الاستعدادَ لتلبيةِ النداء لكنّه اشترط قانونَ الانتخابِ كتشريعٍ ضروريٍّ وصاحبِ أولوية أما تكتلُ التغييرِ والإصلاح فذهَب نحوَ فلسفةِ تشريعِ الضرورة ورأى أنّ هذا الأمرَ يتعلّقُ بكلِّ القوانينِ ذاتِ المصلحةِ العليا والمُتّصلة بتكوينِ السلطة ومنها قوانينُ ماليةٌ وقانونُ الانتخاب واستعادةِ الجنسية ومِن هنا فقد رأى أنّ هذا التشريعَ يحتاجُ إلى بحثٍ واعترافٍ ميثاقيٍّ ودستوريٍّ وديمقراطيّ ورَبَطَ المسألةَ باتفاقٍ حولَ مضمونِ التشريعِ قبل أن نتّخذَ موقفَنا منه ووَفقاً لما جرت تلاوتُه بعدَ بيانِ التكتلِ فإنّ الأمرَ لا يحتاجُ إلى كلِّ ذلك بل إلى حضورِ الجلسةِ التشريعيةِ والتصويتِ على ما يريدُه التيارُ مِن قوانينَ مِن دونِ متاهات النائب ابراهيم كَنعان وإذا كان كنعان قد تعمّقَ كثيرًا في تشريعِ الضرورة فإنَ الرئيس فؤاد السنيورة دَخل من باب وخَرَجَ مِن باب ودعا اللبنانين الى انتظارِ قرارِ كتلةِ المستقبل وإذا بالكُتلةِ تَغرَقُ في تَشريعِ الردّ على السيد حسن نصرالله وتعلنُ أنّ الكيلَ قد طفَح مِن حِزبِ الله وسلاحِ حِزبِ الله هي دوامةٌ في الدولةِ المُفرَغةِ لم تنتجْ إلا إعادةَ تدويرٍ لذاتِها تُوهِمُ اللبنانيينَ بأنها على نقيضِ بعضِها لكنّها تتّفقُ عليهم إذا ما وصَلتِ الأمورُ الى مصالحِها وها هي تعودُ إلى لجانِها وغداً إلى حوارِها بشقّيهِ الفَرعيِّ بينَ حِزبِ الله والمستقبل والمركزيِّ بين الكتلِ بعدما جرَت صيانةٌ سريعةُ للحوارين أما موقعةُ نُفاياتِها فتتنقّلُ من موقِعٍ إلى آخرَ تحتَ جَناحِ السرية.