بين طاولتينِ دارتِ العَجَلاتُ السياسيةُ الهاربةُ إلى مَلءِ الفراغِ بالحواراتِ المناسبة مِن عين إلى عين دقّت ساعةُ الكلامِ والعِتابِ والمساءلةِ على تصريحاتٍ ناريةٍ هي بمجملِها نتاجُ الخلافاتِ السُّعوديةِ الإيرانية وكلٌ على محورِه يُغنّي في إستراتيجيةٍ تمتدُّ مِن طهرانَ إلى الرياض فالقاهرة حيث موقِفُ وزيرِ الخارجيةِ جبران باسيل أمامَ الجامعةِ العربية دوّى لبنانياً وتَرَكَ ردودَ فعلٍ متناقضةً داخلَ البيتِ السياسيِّ الواحد رئيسُ الحكومةِ تمام سلام غطّى الموقفَ بعَلامةِ امتياز جنبلاط تفهّمَه السنيورة وفي رأيٍ متقدّم أعلن أنّه كان سيتخذُ الموقفَ نفسَه مِن رفضِ ربطِ اسمِ حزبِ الله بالإرهاب ولم يَعرفْ ماذا إذا السنيورة كان يُعاني ارتفاعاً في درجاتِ الحرارةِ لحظةَ إدلائِه بهذا الرأي والذي يخالِفُ به موقف الرئيس سعد الحريري حيث رأى زعيمُ المستقبل أنّ باسيل إسترضى إيران وأساءَ إلى تاريخِ لبنانَ معَ أشقائِه العرب وهو أمرٌ مرفوضٌ في قاموسِنا لكنّ كلامَ الحريري في الرياض غيرُه في بيروت إذ إنّ سعد السياسيّ هو سعدان اثنان في لبنانَ والسُّعودية بموقفينِ يُحتّمانِ إصدارَ بيانٍ توضحيٍّ عند كلِّ مفترقٍ سياسيّ ليس بالضرورةِ تبنيه في بلدِ المَنشأ الحريري خصمُ حِزبِ الله ويعلنُ العَداءَ لسوريا لكنّه مستعدٌّ في لحظةِ ترشيحٍ أن يأتيَ بشبلِ الأسدِ إلى قصرِ بعبدا ولو فاوضَه الحزبُ على سلةِ العودةِ إلى رئاسةِ الحكومة لَكانَ استكملَ له عمليةَ الخلع فباعَ أباه في سوقِ عُكاظِ المحكمةِ الدَّولية ما أدلى به الحريري في بيانِه سوّته الطاولةُ الأولى أرضاً لاسيما أنّ موقفَ الرئيس تمام سلام كان مسانداً لوزيرِ الخارجيةِ وبقوة. أما الطاولةُ الثانيةُ المنعقدةُ هذا المساءَ بين تيارِ المستقبل وحِزبِ الله في عين التينة فكفيلةٌ أن تعيدَ الوئام بينَ الطرفينِ مسبوقةً بدفعٍ لمُحركاتِها التي زيّـتها وزيرُ الداخلية نهاد المشنوق إذ قال إنّ الحوارَ مُستمرّ وهو الطاولةُ الوحيدةُ في العالمِ العربيِّ التّي يَتحاورُ حولَها السُّنةُ والشّيعةُ وهذا جُزءٌ من الاستقرار وعن طاولةِ الأقطابِ غاب اليومَ ميشال عون بداعي حضورِ جبرانِه وسليمان فرنجية بداعي السفر أو الصيد لكنّه على الأرجحِ ليس بسببِ لقائِه الرئيسَ الحريري في باريس لأنّ آخرَ ظهورٍ لزعيمِ المستقبل كان في الرياض.