كما تصلّبَ الجليدُ على الشجَر.. جَمّدَ السيد حسن الدماءَ الرئاسيةَ في عروقِ السياسيين قبل إطلالتِه هذا المساء.. فراحَ الجميعُ ينتظرُ كلامَ السادةِ ليبنيَ على الترشيحِ مُقتضاه . ما يطلبُه المستمعونَ مِن الأمينِ العامِّ لحِزبِ الله.. ليس بالأمرِ السهلِ على حزبٍ يرادُ له أن يفاضلَ بينَ خِيارين.. ومرشّحين.. ويضغطُ على حلفائِه لدعمِ خِيارِه ولأنّ الخِطابَ لسيدِه قريبٌ جداً فلن نحتاجَ إلى كثيرٍ من التحليلاتِ بل إلى قليلٍ مِن الصبر.. لأخذِ الموقفِ مِن مصدرِه من دونِ مصادرِه لكنّ كلَّ ما عُلمَ من صوبِ بنشعي أنّ زعيمَ تيارِ المردة سيكونُ تحت سقفِ السيد نصرالله.. وانه مرشح رئاسي لكنه لا ينزل الى جلسة ليس فيها حزب الله وهو يكونُ بذلك قدِ انتهجَ عينَ الصواب.. لاسيما إذا ما قرأْنا في تحالفِ عون جعجع أبعاداً انتخابيةً على المستوى النيابيّ.. وأصبحت الانتخاباتُ النيابيةُ استحقاقاً يسبِقُ الانتخاباتِ الرئاسية.. عندئذٍ نصبحُ أمامَ “مَحدلةٍ” سياسيةٍ جديدةٍ مسيحيةٍ هذهِ المرة تَجرُفُ ما حولَها من قيادات وزعامات . خِطابُ نصرالله قد يأخذُ بعدَه الأمنيَّ أيضاً.. لاسيما بعدَ القرقعةِ السوداءِ على الحدودِ لجهةِ عرسال.. والمعاركِ المستمرةِ التي يخوضُها الجيش ُوالمقاومةُ صدّاً للذين يحاولون التسللَ إلى القرى وهذا المساءَ أعلن الإعلامُ الحربيُّ لحزبِ الله سقوطَ معسكرٍ للنصرة بيدِ داعش في جرود عرسال.. ما يَعني أنّ تنظيمَ الدولةِ الإرهابيّ حارسٌ الحدود.. ولا شيءَ يَمنعُه مِن التوغّلِ إلى عرسال ساعةَ يشاء.. علماً أنّ النصرة لم تكُن داعيةَ سلام وتعاملت معَ المِنطقةِ كولايةٍ تابعةٍ لها . النّصرة.. داعش.. جيشُ الإسلام ومعارضةُ الرياض.. كلُّها أطرافٌ مقرِّرةٌ على الميدانِ السوريّ.. لكنّها لم تشاركِ اليومَ في مؤتمرِ جنيف الذي انطلقت أعمالُه بمَن حَضَر.. أي بوفدِ النظام وبشخصياتِ التَزَمت فنادقَها استعداداً لتقريرِ مصيرِها بالمشاركة . أبرزُ المقاطعينَ لغايةِ الساعةِ هم معارضو الرياض.. والمنقسمون أصلاً على مواقفِهم ويشترطونَ وَقفاً لإطلاقِ النار وإدخالِ المساعداتِ قبلَ بَدءِ المؤتمر.. غيرَ أنّ منسّقَ جنيف ستيفان ديمستورا أعلنَ أنْ لا شروطَ مسبّقة.. وأنّ هذه المطالبَ تتحقّقُ ضِمنَ إجراءاتِ بناءِ الثقة . صورةُ جنيف السوريّ بدَت حتى الساعةِ “شوربا سياسية”.. كحالِ الاعتصامِ الذي نفّذه بضعةُ شبانٍ أمامَ مقرِّ الفندق لكنْ لا الشبابُّ المعتصمُ يَعرفُ شيئاً عن تجويعِ الشعبِ السوريّ.. ولا معارضةُ الرياض تُدركُ أنّ مقاطعتَها أو حضورَها يعطيانِ المفعولَ نفسَه.. ولا وفدُ النظامِ سينجحُ في التحاورِ معَ نفسِه.. أو “بالكاد” معَ قدَرِه الجميلِ مِن المعارضين وحدَه ديمستورا سيَبقى مناضلاً أممياً يأكُلُ الضَّرَبات.. وسينتظرُ حسمَ السوخوي لتبدأَ فعلياً معاركُ الفنادقِ التفاوضية.