تُصرَفُ لهم أموالٌ لتمويلِ الانتخاباتِ البلدية.. لكنّ حتميةَ إجراءِ هذهِ الانتخاباتِ هو علمٌ مِن عندِ اللهِ لا يُدركُه إلا القيّمونَ على مصالحِهم السياسية.. وما إذا كانوا مستعدينَ فعلاً لمعركةِ الانتخاباتِ المحلية أم سيرَونَ فيها مصروفاً زائداً وعمليةً غيرَ مستحبّةٍ في الوقتِ الفارغ لكنّ الحكومةَ أسقطتِ اليومَ أولَ ذريعةٍ ومَنحتِ الأموالَ في انتظارِ إقرانِها بالأفعال.. نجَحَ مجلسُ الوزراءِ بلدياً وسقطَ مدَنياً بعدما أوهمَ متطوعي الدفاعِ المدَنيِّ بأن قضيتَهم ومطالبَهم على نارِ جدولِ الأعمال تورطَ المتطوعون في الفرحةِ وتعميمِ الرقصِ على الشوارع عوِضاً مِن الغضبِ والاحتجاج.. وبدأتِ التسريباتُ مِن داخلِ الجلسةِ الوزارية تُعطي تباشيرَ الإيجابية.. وإذ بمجلسِ الوزراءِ يتجاهلُ القضيةَ عَبرَ إرجائِها ويرمي بوعودِ وزيرِ الداخليةِ إلى جلسةٍ أخرى.. والمفاجئُ في الأمرِ أنّ الوزارءَ التبسَ عليهم مِلفُّ الدفاعِ المدَنيّ.. فبعضُهم أعلنَ أنّ موضوعَهم لم يُطرحْ مِن زاويةٍ ماليةٍ على الإطلاق.. ما يَعني أنّ الوزيرَ نهاد المشنوق الذي غادرَ الجلسةَ لاضطرارِه إلى زيارةِ طبيب “الديسك” تسبّبَ بتمزقٍ أصابَ العمودَ الفِقْريَّ لألفينِ وخمسِمئةِ متطوعٍ معَ عائلاتِهم ودفعِهم إلى الشارعِ مِن جديد.. وترَكَ بقيةَ الوزراء “يا غافل إلك الله”.. لا يعرفونَ ماذا يناقشونَ وما مطالبُ المتطوعينَ مِنَ الأساس الجلسةُ ضَرَبت خيرَ هذا بَشرِّ ذاك.. أَنتجت بلدياً وخَذَلت مَطلَبياً ولفئةٍ تُعطي بلا سؤالٍ وتُضحّي بعناصرِها في سبيلِ مجتمعٍ آمن.. وكان حقُّها على دولتِها أن تنظرَ إلى قضاياها بعينِ التقدير.. وبتثمينٍ لأدوارِ متطوعينَ يَرمونَ أنفسَهم بينَ نارٍ وماء . لكنَ الخيرَ الانتخابيَّ البلديَّ يبقى معلّقاً على النيّات.. لاسيما أنّ السلطةَ تُصيبُها حساسيةٌ مِن أيِّ إجراءٍ إنتخابيّ.. من الرئاسةِ إلى النيابة فبموجِبِ كلامٍ نُسِبَ إلى الرئيس نبيه بري: الانتخاباتُ الرئاسيةُ في الثلاجة.. وقياساً على هذهِ الحرارة فإنّ الانتخاباتِ النيابيةَ موضوعةٌ في المتجمّدِ الشَّمالي.. وأنّ كلَّ ما حولَ هذينِ الاستحقاقينِ تسلية: بنا ومعنا من معراب إلى عين التينة وطِبقاً لتوصيفِ رئيسِ حِزبِ الكتائبِ سامي الجميل فإنّ التحالفاتِ كلَّها تفجّرت.. وانتقدَ الجميل ما سمّاهُ استسلامَ قُوى الرابعَ عَشَرَ مِن آذار للابتزازِ الذي وُضعَ به اللبنانيون.. معتبراً أنّ الرئيسَ القويّ سيأخذُك إلى انتحار جَماعيّ وفي أولِ نفيٍ مِن نوعِه نَسَفَ الجميل معادلةَ التوافق على الموارنةِ الأقوياءِ في بكركي.. وقال إنّ بياناتِ الصرح لم تذكرْ مرةً حتميةً وصولِ رئيسٍ مِن بينِ الأربعةِ حَصراً . على هذهِ الحال فإنّ كلَّ تصريحٍ يُلغي ما قبلَه أو يكشِفُ نيّاتِه.. وبينَهم تصريحاتُ زعيمِ المردة سليمان فرنجية التي كشَفَت أماناتِ المجالسِ بعفْويةٍ وحُنكةٍ في آن.. وأكّدت في المقابل أنّ كلَّ ما يُطبخُ لا يعدو كونَه خُطةً هدفُها الإلغاءُ وإصابةُ حِزبِ الله على المدى البعيد . اليوم.. بدأ العدُّ العكسيُّ لجلسةِ الثامنِ مِن شباط.. وبعدما جرَّب سمير جعجع حظوظَه أربعاً وثلاثينَ مرّة.. سوف نَشهدُ على جلَساتٍ أربعاً وثلاثينَ أُخر “والحسّابة بتحسب”.