من إعلانِ السرايا تضرّعاً لاستسقاءِ ودٍّ جافتْه السياسة.. إلى عريضةِ وادي أبو جْميل تجديداً للبَيعة.. إلى أداءِ مناسكِ الوفاءِ في يومِ الغُفرانِ الطويل في مبنى السِّفارة كلُّها خُطُواتٌ لم تَقطعِ الدربَ أمامَ دقِّ نواقيسِ التحذير . المملكةُ أصدرت قراراً آخرَ طلبَت بموجِبِه إلى جميعِ مواطنيها عدمَ السفرِ إلى لبنان حِرصاً على سلامتِهم وطلبت أيضاً إلى مواطنيها الزائرينَ والمُقيمينَ المغادرةَ وعدمَ البقاءِ إلا للضرورةِ القُصوى الإماراتُ حذَت حذوَ المملكة وأعلنت نيتَها خفضَ التمثيلِ الدبلوماسيّ.. ومَن يَدري قد ينسحبُ الأمرُ على كلِّ دولِ مجلسِ التعاونِ الخليجي . القرارُ السُّعوديّ سوف يَضْطَرُّ الرئيسَ سعد الحريري إلى التزامِ تطبيقِه فوراً بوصفِه يَحمِلُ كلَّ هذهِ الصفات.. فهو المواطنُ السُّعوديُّ والزائرُ غيرُ المقيم.. وليس لديهِ هنا مِن أيِّ ضرورةٍ قُصوى تدفعُه إلى البقاء.. لاسيما أنّ حماستَه لانتخابِ الرئيسِ تُسقطُها المعادلاتُ السياسيةُ القائمة . قد يكونُ التحذيرُ أولى البوادرِ التي بشّرَ بآتِيها الأعظمِ وزيرُ الداخلية نهاد المشنوق.. لكنْ ما هو متروكٌ للقدَر كان قضاؤُه في بيتِ زعيمِ المستقبلِ في الرياض.. وهناك طُرِحتِ الاستقالةُ مِنَ الحكومةِ والخُروجُ من الحوارِ.. في اجتماعٍ خماسيٍّ ضمَّ إلى الحريري ريفي وفَتفت والسّنيورة والمشنوق وأوضحَ المشنوق أنه كانت توجيهاتُ الحريري ألا نقومَ بأيِّ خُطوةٍ تُحرِجُ رئيسَ مجلسِ النواب نبيه بري ورئيسَ اللقاءِ الوطنيِّ الديمقراطيّ النائب وليد جنبلاط ولاحقًا طلَبَ الحريري تأجيلَ هذهِ الخُطُوات وأتركُ للحريري خِيارَ نشرِ وقائعِ الاجتماعِ باعتبارِ كنّا في منزلِه . المَشنوقِ الذي راودتْه الاستقالةُ عن نفسِه غدر بريفي الذي رماها في لحظةِ تَخلِي الحريري عنه.. تماماً كما فعلَ ميلاد كفوري بميشال سماحة وفي يومِ محاكمةٍ لم يُسعفْه عُذرُه الطِّبيُّ في التغيّبِ عنها.. قال سماحة إنّ كفوري الذّكيّ.. استهدفني.. استدرجني.. حرّضَني فأوقعني . كفوري الذي تتلمذَ على يدي ريفي هائمٌ في بلادِ اللجوءِ الواسعة.. فيما ريفي المستقيلُ من عدلٍ أساسُه المُلك سينصّبُ نفسَه “ريّساً” على نَواةِ تكتلٍ سياسيٍّ وشعبيّ بدأت بوادرُه بالظهورِ شَمالاً.. وأمواجُه تعلو شيئاً فشيئاً عند رصيفِ المينا المفتوحِ على متوسّطٍ تَخرُقُ إسرائيلُ أميالَه البحرية وما بينَ محاورِ البرِّ وموجِ البحر حكايةٌ لها تتمة.. “وكل شي بوقتو حلو”.