قوةُ سعد الحريري في بيروتَ في ضُعفِ خُصومِه. تاريخياً كان والدُه الشهيدُ يَشتري العاصمةَ بالعَصبياتِ المذهبيةِ والمالِ والسلطة. وكلُّه برعايةِ نظامٍ أمنيٍّ سوريٍّ لبنانيٍّ مشتركٍ مُصنِّعٍ للأحجامِ الانتخابية. سار الابنُ على هذا النهْجِ وإنْ بغيابِ المال. إلى أن وَجد أنّ المدينةَ خَرجت مِن ضُعفِها وأَنبتَت قُوىً نُخْبويةً مدنيةً شَعبوبةً محبّبةً إلى الناس. واتّخذتِ اسم “بيروت مدينتي” متربِّعةً على نتائجَ دقّت أبوابَ البلدية ولم تدخُلْها.. طافَت على ما يقاربُ اثنينِ وأربعينَ ألفَ صوتٍ بفَرقِ سبعةِ آلافٍ فقط عن لائحةِ البيارتة المدعومةِ مِنَ الحريري. وللمرةِ الأولى يُفجعُ زعيمُ المستقبلِ بظهورِ الماردِ المدَنيِّ الذي صار شريكاً بقوةِ أصواتِه.. حيث لا يملِكُ المالَ ولا الحُكم ولا الوعودَ الفارغةَ مِن تنفيذِها بل يربو على شقعة حُلمٍ للناس. هذهِ القوةُ كادت تَخرُقُ أو تَحتلُّ المقاعدَ البلديةَ برُمتِها لو تعاونت معها بقيةُ اللوائح.. لكنّ شربل نحاس آثَرَ التجرِبةَ وحيداً.. نجاح واكيم لا يحبّذُ الاختلاط.. جمعيةُ المشاريع- الأحباش أعطت لائحةَ الحريري الذي اتّهمها يوماً ما باغتيالِ والدِه.. فؤاد المخزومي أهدى لائحةَ البيارتة هدى الُأسطة بعدما ألغى الحريري الأبُ وجودَه من بيروت قبلَ أن يستكملَ الابنُ عمليةَ الإلغاء. حتى حزبُ الله فقد قرّر في الثامنِ مِن أيارَ تركَ الحريري وشأنَه.. منعاً للإحراج.. وانكفأ عن الاقتراعِ والمشاركةِ لا معه ولا ضِدَّه. وبمَعزِلٍ عن ظروفِ الحزب فإنّ كلَّ القُوى الآنفةِ الذكر قرّرت أن تكونَ في كعبِ السطر.. إما وحدَها وإما مُلحقة.. وغاب عن بالِها أنها كانت قادرةً على الإمساكِ بزِمامِ البلديةِ لو توحّدت… لم يكن الحريري قوياً.. الآخرونَ كانوا ضعفاء.. باستثناءِ “بيروت مدينتي” التي وَهَبت للمدينةِ أملاً بالتغيير. وعناصرُ النكسةِ البلدية جاءت في نِسَبِ التمثيلِ التي قدّرناها بالأمسِ في النتائجِ الأولية بأحدَ عشَرَ في المئة.. ونعتذرُ اليومَ عن هذا الخطأِ إذ إنّ النسبةَ لم تتجاوزْ عَشَرةً في المئة. وبالعشَرةِ سوف تتّخذُ البلديةُ قراراتٍ على مستوى بيروت. ولن “يَستحيَ” أعضاؤُها من أنفسِهم لدى عقدِ الاجتماعات.. كما لم يَخجل مِن قبلِهم النوابُ مِن التمديدِ مرّتينِ وبأنّهم اليومَ أصبحوا في مجلسِ نوابٍ باطلٍ بعد . بموجِبِ قرارِ المجلسِ الدُّستوري… لا خجلَ لدى السلطةِ في العيوبِ الدُّستورية وهي التي تمكّنت.