دَويُ الصمت سُمِعَ من لبنان إلى المهجر وحقيبةُ الانفجار الموضوعةُ على جدارِ المصرِف لم تكنْ مَحشَوةً بثمانيةِ كيلوغراماتٍ من الـ تي أن تي وحسْب إنما جاءت على شكلِ عُبوَةٍ ناسفةٍ من الاتهامِ المُعلّبِ والمضغوطِ سياسياً فالزجاجُ المتناثرُ في ليلِ بيروت من بنك لبنان والمهجر، أصابَ الضواحي ولم تَكدِ الحقيبةُ تَنفجر حتى تطايرتْ أشلاءُ الفتنة فأوقعت جريحاً واحداً إسمه حزبُ الله رداً على عمليةِ “إغلاقِ الحساب”. أربعٌ وعِشرونَ ساعةً والحزبُ يَتَّبِعُ صمتَ المراقبين لكنَّ مُحيطَه يُسيِّلُ هذا الصمتَ في الحسابِ الجاري ويتحدثُ ببلاغةٍ عن مراحلِ الطُمأنينةِ المَصرِفيةِ التي وَصَلَ إليها التفاوضُ معَ حاكمِ مصرِف لبنان عبْر وُسطاءَ مشهودٍ لهم بالنهاياتِ الناجحة مسارُ المفاوضاتِ كان مَرْضياً عنه حزبياً إذ إنّ مَن تُقفَلُ حِساباتُهم هم حَصراً مَن وَردتْ أسماؤُهم على لائحةِ الـofac، وأيُ إسمٍ آخرَ سيتطلّبُ مراجعةَ المصرِف المركزي. عندَ هذا الحدّ كانتِ الأمورُ تسير “على خير وسلامة” وبصيغةٍ مقبولةٍ من الجميع لا بل وتَواصلَ الحاكمُ معَ حزبِ الله لتوضيحِ مَرامي المقابلةِ التلفزيونية على محطةٍ أميركية جرى إستيعابُ لائحةِ العقوبات وعندَ مُنتصَفِ طريقِ التفاوضِ السالك وَقعَ إنفجارٌ من خارجِ السياق وصَوّبَ الأنظارَ إلى حزبٍ سيكونُ موضِعَ إتهام وثمةَ في الحزب مَن يتساءل: أيُ مستفيدٍ من هذا التفجير؟ مَن له المصلحة في نَسْفِ التحاورِ بعُبوةٍ مدروسة؟ وأين دورُ السفارات التي لَعِبتْ دورَ العّرافات وحذّرت مواطنيها من إرتيادِ مِنطقةِ الحمرا تحديداً؟ وبهذا المعنى يُصبحُ أسهلُ الاتهامات وأكثرُها حماقةً هو الذهابُ إلى فرضيةِ الحزب والذي يُؤخذُ عليه في المقابل أنه لم يُصدِرْ أيَ بيانِ إستنكار لكنَّ وُجهةَ النظرِ الحزبية تقول: إنْ لا نَستنكرُ تفجيراً لم يوقعْ ضحايا لا يعني أننا نُفجِّر فالحزبُ كانَ أولَ الضحايا، وعلى الآخرين استنكارُ تصريحاتِهم ومَضبطةِ إتهاماتِهم الجاهزة. وعلى مستوى الضحيةِ المادية فإن بنك لبنان والمهجر كان بحكمةِ المستوعِبين للضرر وقد جاءَ بيانُه بلا إتهام معلناً أنه مصرفٌ لجميعِ اللبنانيين وكذلكَ خَلتْ مواقفُ حاكمِ البنك المركزي منَ الشُبُهات فيما عُقد اجتماعٌ في السرايا الحكومية بين سلام وسلامة ووزيرِ المال علي حسن خليل وخَلَصَ بيانُ السرايا إلى اعتبارِ الانفجار مَساساً بالأمنِ القومي للبنان.