يصفي العام آخر أيامه ليسلّم العهدة المرة، حتى الأعوام تأتي بخلفٍ لها وتنتخب سنوات جديدة، وتنحني لما بعدها، أما الديمقراطية اللبنانية فليس لها هذا المجد، تورّث الرئاسة الأولى الفراغ، أو في أحسن الظروف تنتخب التمديد للثانية. العام أصبح على باب الخروج، والجيش على بوابات الحدود، يحرس وطناً يحسده العيون السود والرايات الأشد سواداً. عسكر يتأهب لغزوة آخر السنة أو ما يعادلها من محاولات هجوم لقوى إرهابية، جيش يطوّق المداخل لأنه اختبر غدر المنزوين وراء الحدود، وسعيهم الدائم للالتحاف إمارة تأويهم من عدوهم الأبيض، والغدر لا يعرف زمناً، وسبق له أن تسلل من رأس السنة قبل 14 عاماً عندما نُحر الجيش في قلب ثكناته واعتُدي عليه في جرود الضنية، ومنذ ذلك الحين وهو هدف دائم للإرهاب وإن اتخذ أكثر من اسم وصفة.
هذا العام تشددت الإجراءات وأُخمدت معها تلك الأصوات الرافضة لحصار عرسال، وأصبحنا أمام تصريحات لنواب بيروت تؤيد إجراءات الجيش وما يؤمّن الحدود اللبنانية والسيادة والاستقلال، هي مواقف تأتي على نقيض تلك التي أطلقها الرئيس سعد الحريري في الشهر الواحد، وفيها أبدى اعتراضه على حصار عرسال، لكن في خلال شهر تبدّل الزمن، وأصبحت إجراءات الجيش تُتخذ لمصلحة أهل عرسال وحمايتهم، كما تبدّل الموقف من الحوار مع حزب الله والتوافق على استبعاد البنود الخلافية من النقاش.
قواعد الاشتباك تبدّلت ايضاً لدى أهالي المخطوفين من العسكريين، حيث تحركاتهم باتت ضمن البيوت السياسية المغلقة وفي زيارات للمرجعيات وهم التقوا اليوم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي أيّد كل الوسائل المتاحة لتحرير العسكريين بما فيها المقايضة.
هذه الزيارات تؤشر الى تكوّن قناعة لدى الأهالي بأن الشارع لم يأت بأبنائهم، لا بل غن الخاطفين كانوا يستعملون الأهل ثم يرمون بأبنائهم خبراً مأسوياً على موقع إلكتروني من دون أن يكون لهم حق استرجاع الجثة، ولهم اليوم في الطيار الأردني المأسور مثال على كيفية التعامل في ملف التفاوض، حيث أعلنت عائلة الطيار معاد الكساسبة أنها تأمل من الحكومة التزام الصمت في عملية التفاوض، حتى لا تُحدث ضرراً بابنها. لكن مع قضية العسكريين اللبنانيين، فلم تبق جهة إلا وقدّمت المساهمة، مرة على شكل وسيط، ومرات عدة على شكل شيوخ طريق.