عن ثمانين عاما وإستقالتين، عن كرامة ملء عين الوطن، عن آدمية ومسيرة مرصعة بالعروبة، عن هذا السجل رحل الأفندي عمر كرامي.
افتقده أول يوم من السنة، وارتدى الشمال ثوب الحزن على رجل ما عرفته طرابلس إلا صوتا ضد خروج المدينة عن أصالتها وعروبتها.
عمر كرامي الذي أطل على المسرح السياسي في آواخر الثمانيينات، وريثا سياسيا للشهيد رشيد كرامي، غادر فجرا كل مسارح الحياة متجها إلى حيث الرشيد.
دولة الكرامة، إبن رجل الاستقلال وشقيق الشهيد، أبو خالد، لم يأخذ من السياسة عارها، وكان يتركها لأهلها عندما تعز النفس، فهو الرئيس الذي طاردته الأحداث ووقتت مواعيدها على زمن كرسيه، فغادر السلطة أول مرة على نار إطارات السادس من أيار قبل عشرين سنة، بعد أن وضع الرئيس رفيق الحريري حطبا للنيران وأسس لوصوله إلى السلطة عقب مرحلة انتقالية للرئيس رشيد الصلح قاهر الدولار حينذاك.
ومن أجل شهادة الحريري، استقال كرامي ثانية في عام 2005 وخرج من السرايا بإرادته، على الرغم من أصوات المتظاهرين في ساحتي الشهداء ورياض الصلح التي كانت تطالبه بالاستقالة.
خرج كرامي من السرايا ولم يعد، رافضا تكليفه بالحكومة من الرئيس اميل لحود، ومنسحبا تدريجيا من العمل السياسي، مرخيا عباءة زعامة آل كرامي السياسية على نجله فيصل كرامي.
لم يعرفه الوطن إلا زعيما بمذاق خاص. خاض جبهة معارضة لسياسة بيع البلد، وتصدى لها تحت سقف مجلس النواب، بمشاركة لفيف من أترابه السياسين كحسين الحسيني وسليم الحص وآخرين ممن ساهموا في سياسة غزو المؤسسات حينذاك.
دافع عمر كرامي عن حقوق كل الناس، ولم يتمكن من استرجاع حق الشهيد رشيد كرامي، الرئيس الذي اغتيل وهو يشغل منصب رئاسة الحكومة، مات كرامي الثاني وعاش القاتل مرشحا يطلب سلطة.