عَقدٌ مِنَ الزمنِ والبلادُ مطوّقةٌ بعُقدةِ اغتيالِ الرئيس رفيق الحريري ..” سنة .. تنين .. عشرة .. ألف ومكملين ” مكملين بحقيقةٍ كأنها لم تبلُغْ حرفَها الأول .. مكملين بمحكمةٍ دَوليةٍ ربما تَسرِقُ الشعارَ وتدومُ ألفَ عام .. مكملين بتمويلِ المحكمةِ مِن دونِ حساب وعلى نفَقةِ الشعب .. مكملين بالشهيدِ وعلى بلدِ الشهيد ولا قامت قيامةٌ لشهداءَ مساكينَ ماتوا رؤساءَ ولم تُنصِفْهم محاكمُ الدول .. مِن رشيد كرامي إلى رينيه معوض وبشير الجميل وقدِ اغتيلوا بينَ أرضٍ وسماءٍ وفي ربيع السلطة عَقدٌ من الزمنِ وورثةُ رفيق الحريري السياسيونَ يمضَغون بالوطن ويَلوكونَ الحقيقة .. إشترَوا فيها انتخابات وابتاعُوا منها زعامات ولما حطَّ قطارُهم كشهودٍ في المَحكمةِ الدَّوليةِ شهّروا بالشهيد وكشَفوا أوراقَه السياسيةَ والمالية وما لم يُدلِ به الراحلُ أمامَ الرأيِ العام راح يفنّدُه غطاس خوري ويُعرّيه مَروان حمادة ويستكملُه سليم دياب لكنّ الشهادةَ الأدهى كانت لأمينِ صُندوقِه عبد اللطيف الشمّاع الذي أجرى كشفَ حسابٍ لم يَسبِقْه إليه أحد وأعلن أنّ رفيق الحريري كان يَدفعُ إلى رستم غزالة شهريًا أربعينَ ألفَ دولار وقد أجرى له ” زيادةً على الراتب ” ليصبحَ المبلغُ الصافي سبعةً وستينَ ألفَ دولارٍ شهريًا ومن عامِ ثلاثةٍ وتسعينَ لغايةِ عامِ ألفينِ وخمسةٍ كان غزالي قدِ استحصلَ على عشَرةِ ملايينِ دولارٍ بعد إضافةِ النثريات وإذا صدَقت كشوفاتُه باعتبارِه مديرَه الماليّ يكونُ الشمّاع قد وضعَ الحريري في مَقامِ الراشي الذي يمنحُ الأموالَ لشراءِ الرّضى والسكوت أموالٌ مِن دونِ إيصالاتٍ تخرُجُ مِن خزنةِ الحريري إلى جيب رستم نقداً مالياً وعداً سياسياً و” ولا يهمك ” فلماذا كان رئيسُ حكومةِ لبنان يدفعُ الى ضابطِ أمنٍ سوريٍّ فاسد؟ وأيَّ خِدْماتٍ سدّدَها هذا الضابطُ للرئيسِ في المقابل ؟ على روايةِ الشماع فإنّ هذه الأموال كانت تَبتغي الحِرصَ على العَلاقةِ ولإرضاءِ رستم غزالة لكنْ ما البديلُ الذي جناهُ الحريري من تعبيدِ طريقِ السلطةِ بالرُشى ؟ وكيف كانَ يَسترضي مسؤولَ جِهازِ الأمنِ والاستطلاعِ بأموالِ اللبنانيين؟ وإذا كان رستم قد جَنى عشَرةَ ملايينِ دولارٍ مِن خزينتِنا فماذا عن بقيةِ الغِزلان السوريين الأرفعِ في الرُّتبةِ والراتب ؟ من المؤكّد أنّ الحريري ولدى وصولِه إلى السلطةِ عامَ اثتينِ وتِسعينَ لم يكن ليُخرِجَ من جيبِه نثَرياتِ العلاجِ السياسي .. لأنّ ثروتَه كانت لم تتجاوزِ المليارَي دولار فهو وصل إلى بيروت تاركاً مصارفَ مُفلسةً في لندن .. وشرِكة هي سُعودي أوجيه تنوءُ تحتَ العجز . لكنّ الله رزقَه سلطةً لا رَقابةَ فيها إلا هو وفي سنواتِ الحُكم نمَتِ الثروةُ وترعرت في كنَفِ غِطاءٍ سوريّ .. ورّشوةُ غزالي وما يعادلُه مِن أصحابِ السُّمعةِ السيئة راكمتِ الأرباحَ وأخذت بيدِها لتُصبحَ ستةَ عشَرَ مِليارًا وسبعَمئةِ مليون دولارٍ لدى حَصرِ الإرثِ بعدَ الاغتيال فمَن مِنَ المسؤولين يملِكُ اليومَ قَطعَ حِسابٍ عن مرحلةِ حُكمِ الحريري ؟ ربما اثنان فقط : رستم الذي يمتلك ُمفاتيح المال .. وغازي كنعان الذي أهداهُ رفيق الحريري مِفتاحَ بيروت .. فأُميت وبيدِه رمزُ مدينتِنا.. أما اللبنانيون فإنهم يدفعونَ على جهتين : تسديداً لديونٍ راكمها الشهيد .. ومحكمةً أصبحت تُضِرُّ بسمعةِ الشهيد وفي طريقِها تُلغي الإعلامَ اللبنانيّ وتصادرُ استقلاليةَ القضاءِ ودورَه .. وأصبح تسكيرُ حانتِها فرضَ عينٍ وواجباً وطنياً .. حسَنةً عن روحِ الشهيد .