رحلة الألف ميل نحو السرايا القديمة تمر بمصر الجديدة. وزيارة الرئيس سعد الحريري إلى القاهرة اليوم، ستكون فاتحة العبور إلى رئاسة الحكومة، بعدما أسندت إلى مصر أدوار إقليمية، وتحديدا على مسرح الأزمة السورية.
قصر الاتحادية، جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بالحريري، مع حبوب منشطة للوحدة الوطنية تتجسد في مشاركة النائبين السابقين غطاس خوري وباسم السبع في هذا اللقاء. وتقول معلومات “الجديد” حياله إن رئيس الحكومة السابق ما عاد يتعايش مع العبارة الأخيرة، فهو يسعى للعودة إلى الرئاسة لما توفر له من غطاء وحماية في السعودية التي أصبح فيها منزوع الحصانة بعد إعفاء رئيس الديوان الأميري خالد التويجري من مهامه في المملكة.
وقبل قصر الاتحادية في مصر، فإن الحريري استطلع أفق العودة، من قصر عين التينة، في لقائه الأخير مع الرئيس نبيه بري، حيث أودعه الرغبة في بدء مرحلة جديدة يدير فيها زعيم “تيار المستقبل” الرئاسة الثالثة بالأصالة لا بالوكالة. وقدم الحريري إلى بري إغراءات تشبه التنازلات الخطية التي سبق وصاغها بيده قبل واقعة خلعه سيئة التوقيت، إذ تزامنت حينها مع وصوله إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس باراك أوباما.
ونيات الحريري بالعودة إلى رئاسة الحكومة، بلغت إلى “حزب الله” الذي لم يعط أي رد سلبا أو إيجابا بعد. لكن إذا كان الحزب يريد الحل السياسي في الداخل، فإن موافقته على الحريري رئيسا للحكومة، ستفتح أبواب الرئاسة أمام العماد ميشال عون. وقد يخرج زعيم “المستقبل” بنفسه ليعلن ترشيح الجنرال، واستبعاد حليفه الدكتور سمير جعجع من القائمة لكونه خاض المحاولة عشرين مرة ولم ينجح.
ظهور سعد الحريري مجددا على المسرح الحكومي، من شأنه إحداث صدمة إيجابية يحتاج إليها البلد، بعد سنوات الأزمة السياسية المتأثرة سلبا بشظايا الحرب السورية. فإذا كانت للحريري حساباته السعودية في تأمين غطاء من خلال العودة، فإن للبنان أيضا مآربه السياسية بحيث تستثمر العودة لصالح التعامل مباشرة مع أصحاب القرار الحكومي من جهة، وإنهاء حالة الشغور في رأس الدولة من جهة ثانية. أما البقاء على الحالة الراهنة فهو استنزاف للوقت، فلا الاستمرار في ترشيح جعجع سينتج عنه رئيس، ولا الرئيس تمام سلام سيخوض معارك، ولا “حزب الله” سيتمكن من تنصيب عون في بعبدا.