“وبإيديهن غمر ووراق بيض وحمر ويلونوا هالعمر”، الولاد من نهر الفرح عم يشربوا، وكانوا عم يلعبوا في مدينة انتهت للتو من ألعاب الكبار، وأفردت ملاهيها لصغار الأزقة “الطالعين من حروب القناصة”، لكن الملاهي لم تحمل أمانيهم الكبيرة فسقطت بهم، وهوى دولاب الهوا بمن حمل، بأحلامهم وعناقيد أجسادهم، وعند المينا رست ضحية قتيلة وعدد من الأطفال الجرحى.
لعب طرابلس وإهمال صيانة مدينة الملاهي، أديا إلى حصيلة دامية اليوم. لكن الأطفال كانوا على موعد مع الموت اليوم، بحصاد عشرين سنة إلى الوراء، جثتا رضيعين وضعتا في مواد حافظة تستعمل لتحنيط الأعضاء البشرية، عثر عليهما اليوم في صيدا. جسدان متلاصقان حد العناق، ولدا معا وعاشا شراكة الموت معا عشرين عاما، لكن الفاعلين انفصل قلبهم عن جسدهم وارتكبوا جريمة ظنوا أنها ستبقى صامتة، فهل سيتسنى لهم اليوم إلقاء نظرة على ما اقترفته أيديهم؟ هذا سيكون أقل عذاب لهم إذا كانوا على قيد المشاهدة، سواء من صلة الرحم أو من مرتكبين متدخلين.
والجرائم على أنواعها، ولعل أخطرها اليوم هو كشف قناة “الجديد” عن مناطق عصية على الدولة والأحزاب معا. بؤر أمنية تفرض خوات، أسواق مفتوحة للمخدرات، زعران لا تقوى عليهم كل الخطط الأمنية للدولة، وأحياء ترزق مما تجنيه أيادي السوء. فهناك تطبق الخطة الأمنية لمن يعنيهم الأمر، وليس فقط على ريف الضاحية وأطرافها وبضع مركبات وفانات مخالفة.
بؤر أمنية أرضا، وبؤر احتيالية فضاء نفذت وعدها بقطع الرأس وأقدمت على حجب شاشة “الجديد” عبر موزعي الكايبل، وتعاملت مع محطات التلفزة كرهينة لديها، تصفي منها من تشاء، وكل له يومه. وكتبت شبكات الكايبل على شاشة “الجديد” اليوم، إن الهجوم المنظم قد يبدو ضدها، بينما هو في الأساس يستهدف المواطن اللبناني عبر تدفيعه ستة آلاف ليرة شهريا بدل مشاهدة، و”الجديد” تؤكد أن ما تروجه شركات الكايبل عن فرض مبالغ على المشاهدين، هو عار من الصحة ومحاولة من شركات القرصنة للتهرب من المبالغ التي وجب عليهم دفعها، فنحن أقدر من يتحسس ظروف الناس، ولنا معارك مع السلطة ضد فرض الأتاوات والضرائب.
ولكل المشاهدين ممن تسنى لهم متابعتنا اليوم، نؤكد أن الأموال التي تطالب بها محطات التلفزة هي حقها مقابل بث إشارتها. معركتنا هي مع موزعي الكايبل لا معكم، فلا تقعوا في فخهم وهم الذين استثمروا كل هذه السنوات على حسابنا وحسابكم، باعوا الهواء طويلا واليوم يأكلونه، وإن غدا لفضائنا قريب.