نحن قومٌ على بابِ السِّفارة.. والاسترزاقُ هذه المرةَ ليسَ حَكْراً على طائفة.. بل مُوزّعٌ بينَ تلاوينَ سياسيةٍ وإعلاميةٍ على مختلِفِ المذاهبِ والديانات فمنذُ ليلِ أمس والأموالُ السُّعوديةُ تتطايرُ على الورَقِ في بقياتٍ سريةٍ صادرةٍ عن خارجيةِ المملكةِ.. لتَكشِفَ عنِ الدُّفعةِ الأولى مِن “طال عمرك” وتصنّفَنا على أنّا شعبٌ مِن فئة “شحادين يا بلدنا”.. معَ إضافةِ مِيزاتٍ على بعضِ الشخصياتِ المُرتزِقةِ التي تَمتّعت بصفةِ الوشايةِ وعدمِ الثقةِ بحلفائِها عيّناتٌ وَضعت المملكةَ على الراحات وقدّمت البَيعةَ لقاءَ التمويل.. وواءَمَها أنّ السُّعوديةَ تتداولُ غالباً الأوراقَ الماليةَ كبدلِ أتعابٍ سياسية. ما يفوقُ نِصفَ مِليونِ وثيقةٍ بدأ موقِعُ ويكليكس تسريبَها.. وللبنانَ منها حِصةٌ وافرة.. وكلٌ قلبُه على يدِه وعلى الموقِع بحثاً عنِ اسمِه.. من سياسيينَ وإعلاميين وجمعياتٍ وشخصياتٍ تَقصِفُنا معَ كلِّ طلعةِ فجرٍ بمبادئِ الاستقلالِ والحريةِ والرأيِ الذي لا يُشترى ولا يُباع لكنْ ما لم تكشِفْه ويكيليكس هو مصيرُ الملياراتِ الثلاثةِ التي جاءت على شكلِ هبةٍ للجيشِ اللبنانيّ وفي معلوماتٍ صحيفةِ السفيرِ اليوم َأنّ سِمسارَ هذه المليارات رئيسَ الديوانِ الملَكيّ السابقُ عبد العزيز التويجري.. هو قيدُ الإقامةِ الجبريةِ ويُجرَى تحقيقٌ معه في صفْقةِ الأسلحةِ المجمَّدةِ فرنسياً وسُعودياً على أن يَزورَ وزيرُ الدفاعِ الفرنسي جان إيف لودريان السعوديةَ الاثنينِ المقبلَ للبحثِ في هذا المِلف . فرنسا ستحقّقُ في مصيرِ الأسلحة.. والتويجري ممنوعٌ مِن السفَرِ ريثما تتّضحُ ملابساتُ السّمسرةِ في الملياراتِ الثلاثة.. لكنْ ماذا عن المليارِ الرابعِ الموهوبِ مَلَكياً للرئيس سعد الحريري؟ وأيُّ دورٍ سيَظهَرُ للتويجري على صعيدِ العُمُولات؟ لا يُعرفُ على وجهِ التحديد ما إذا كانتِ التحقيقاتُ معَ رئيسِ الديوانِ السابقِ ستَشمَلُ المليارَ الضائع الذي لم يَبلُغِ الخزينةَ اللبنانيةَ ولم يتّخذْ طرُقاً متعرّجةً أخرى تصِلُه بالمؤسساتِ المعنيةِ مباشرة . الحريري الذي أدّى مناسكَ العُمرةِ في الساعاتِ الماضية يَقبِضُ وحدَه على الأجوبة.. فهو حجَّ إلى أرضٍ طاهرة ووقفَ في حضرةِ المزاراتِ المقدّسة.. ومن مساوئِ هذه المناسكِ أن تَخرُجَ منها لتعودَ إلى ممارسةِ التضليلِ أو عدَمِ الوضوح.. لاسيما أنّ هناك جيشاً ينتظر.. ومعاركَ لا تُمهل.. وإرهاباً مزروعاً على الحدود وربما في قلبِ المدن . أربعةُ ملياراتٍ لم نزوّد منها إلا بضعةَ سلاحٍ وصلَ متعفّناً.. فيما الإرهابيون يملِكون ما هو متطوّرٌ من هذا العَتاد.. وحبذا لو أن عفاريتَ جاك أسانج يدخُلون العنابرَ والأوراقَ السُّعوديةَ الفرنسيةَ ليكشِفوا عن حقيقةِ سلاحٍ ضاع بين الصفَقاتِ وذوّبتْه العُمولات.. وبقي الجيشُ ينتظر.