ساحةُ الشهداء ليست للمِليونِ السياسيِّ اليوم لم تحتلَّها قُوىً شَطَرت البلدَ رقْمين بل إنّ روّادها مجموعةٌ مدَنيةٌ حمَلت شعار “طلعت ريحتكم فاحتَشدت وكان صوتُها تتردّدُ أصداؤُه من السرايا إلى وِزاراتٍ محيطة وللمرةِ الأولى ينطلقُ تحرّكٌ بحيويةِ شبابٍ مندفعٍ للإصلاحِ والتغيير الذي لا لونَ له بل أطلقتْه الرائحة شبابٌ لا تقفُ وراءَه آلياتُ تشغيلٍ سياسية أراد إسقاطَ النظامَ مِن أعلى نُفاياتِه تظاهرةُ اليومِ أسّست لهيئةِ أركانٍ شبابيةٍ مدَنية لم تخرجْ إلى الساحةِ لإطلاقِ الصّرخةِ فحسْب وإنما لتقديمِ حلولٍ علميةٍ ومشاريع اقتراحاتٍ في مِلفِّ النُفاياتِ ومطامرِه وفرزِه وعوادمِه وتوعيتِه البيئية مطالبينَ في الوقتِ نفسِه بإقالةِ وزيرِ البيئةِ محمد المشنوق وعيُ التظاهرِ هذا المرفَقُ رَبطاً بخُطةِ علاجٍ مسؤولةٍ مِن شأنِه أن يَتفاعلَ أكثرَ إذا ما تَركَ المواطنونَ عوالمَهم الافتراضيةَ وانخرطوا في الشارع فغرّدوا في الساحاتِ الفعليةِ وكتَبوا شعاراتِهم على اللافتاتِ ولم يكتفوا بتعليقِها على مواقعِ التواصل في ساحةِ الشهداء قرارُ التنفيذ وفي الرابية كلامٌ على الورق ودعوةٌ إلى النفير لم يُحدّدْ تاريخُ انتشارِها في الشارع فقد خرطش عون من دونِ أن يُطلقَ النار أعلنَ التعبئةَ العامةَ وأبقاها رهنَ التحقيق مصوباً النيرانَ السياسيةَ على قائدِ الجيشِ المؤجّلِ تسريحُه العماد جان قهوجي وحذّره مِن مواجهةِ التيارِ في الشارع في التسييلِ السياسيّ لهذه الدعوة فإنّ مفاعيلَها لن تُطبّقَ على جلسةِ مجلسِ الوزراءِ التي سيَحضُرُها وزراءُ التيار أما عملياً فإنّ غضبَ التيارِ قد لا يعودُ ساطعاً بعد أن تبرُدَ الهِمم وربما يُترجمُ بتحرّكٍ أمامَ السرايا أو بعِصيانٍ مدَنيٍّ غيرِ مكتمِلِ المعالمِ بعد غموضٌ في القرار التباسٌ في النفير غيابٌ في الإصلاح عدمُ قدرةٍ في التغيير وتلك ميزاتٌ ليست من اختصاصِ العونيين وحدَهم بل صفاتٌ تنطبقُ على كلِّ مسؤولٍ يُمسِكُ بالسلطة وأمامَ العجزِ هذا فإنّ قرارَ وزيرِ العمل سجعان قزي قد يكونُ مبرَّراً عندما غامر في اتخاذِ خُطوةٍ تحارِبُ الرِّشى الكبيرة برشىً أصغرَ منها لأنه وصَلَ إلى مرحلةِ يأسٍ مِن إدارةٍ يتقاسمُها منتفعون يتأكّلُها الفساد يحكمُها موظفون لا قدرةَ للدولةِ على محاسبتِهم ومعَ عدمِ الأمل بالتغيير فإنّ سجعان اتّجه إلى قرارِ الشجعان وإنْ وضعَ نفسَه في مهبِّ الريح.