سوقُ الخميس الوزاريّ أفرغ خلافاتِه لهذا الأسبوع.. وانتهى مجلساً ناقصاً واحداً باعتكافِ الوزير بطرس حرب الحكومةُ فقدتِ الاتصالات.. وأركانُها كانوا في الأساسِ فاقدي التواصل.. وهم عَقدوا اليومَ جلسة لا يعرفونَ إذا كان سيطلُعُ عليها خميسٌ آخر لكونِ الجلَساتِ تحوّلت إلى سَفسطةٍ سياسيةٍ على حدِّ تعبيرِ الوزير حرب والعَجزُ كانَ العلامةَ الظاهرهَ على مجلسِ الوزراءِ مِن أولِه إلى آخرِه.. حيث أعادَ الرئيس تمام سلام تَكرارَ الاستسلامِ للأمرِ الواقعِ السياسيّ وإذا ما استعرضْنا كلامَ رئيسِ الحكومةِ في افتتاحِ الجلسة فسنعثرُ على العباراتِ التالية: شغورٌ رئاسيّ وضرَرٌ كبير, دوامةُ التعطيل, عجزٌ في اتخاذِ القرارات, عدمُ قدرةٍ على حلِّ الأمورِ الراهنة, عَجزٌ في الموضوعِ الماليِّ والهِباتِ والقروضِ والرواتبِ وسَنَداتِ الخزينة, نُفاياتٌ صارَ لها لونٌ طائفيّ ومذهبيٌّ ومناطقي.. النُفاياتُ تُستغلُّ سياسياً, النُفاياتُ ستَبقى مستعطيةً على الحلّ, شللُ مجلسِ النواب يتسلّلُ إلى مجلسِ الوزراء وبناءً على ما تقدّمْ لم تنتهِ الجلسة الى اتخاذِ أيِّ قرارات فأيُّ دورٍ لرئيسِ الحكومةِ بعدَ هذا الوصفِ الذي قدّمه بنفسِه.. وماذا ينتظرُ أو بالعاميةِ اللبنانية “شو قاعد يعمل” . معَ كلِّ جلسةٍ وفي كلِّ مَحفَلٍ سياسيّ لا يَلوي إلا على تقديمِ الشكوىْ وإعطاءِ أوصافٍ للحالة.. من دونِ أن يُقدِمَ على مكاشفةِ الناسِ والإعلان عن أَكَلَةِ النُفاياتِ مِن السياسيين بعدَ أكَلَة جُبنة البشر لم يَعُدِ الأمرُ يَحتملُ كلامَ الهمْس والمواربةِ والتلميحِ والحديث عن تطييفِ “الزبالة” وتقسيمِها مغانمَ سياسية وكما هي الحالُ في مجلسِ الوزراء كذلك في الشغورِ الرئاسيِّ المشكو منه.. إذ إنّ الحالةَ أيضاً لم تعدْ تحتملُ عدمَ المصارحةِ أوِ اتهامَ فريقٍ بالتعطيلِ والسكوتِ عنِ الآخر فإذا كان ميشال عون يتحمّلُ فرَضاً مسؤوليةَ سدِّ نِصفِ الطريقِ إلى بعبدا.. فإنّ على فريقِ الرابعَ عَشَرَ مِن آذارَ أن يتحمّلَ مسوؤليةً بالنِّصفِ الآخر وأكثر.. وأن يخجلَ مِن ترشيحِ قائدِه المفدَّى للرئاسةِ ثمانياً وعِشرينَ مرة.. وفي كلِّ جلسةٍ يَحصُلُ على علامةْ راسب.. وما زالت هذه القُوى تتمسّكُ بترشيحِه وبتقديمِه رجلاً لا بديلَ له.. وكأنّ الطائفةَ المارونيةَ لا كفاءاتِ لديها تستحقُّ التجرِبةَ على سبيلِ الرئيس لكنَّ السياسةَ تدارُ بالنِكايات.. أداءً وتصريحات ومنها إعلانُ وزيرِ الداخلية نهاد المشنوق أنه إذا استمرّت الحملةُ على العماد جان قهوجي فسنمدّدُ له مرةً ثالثة.. وهذا كلامٌ للتحدّي والمزايدة وصبِّ الزيتِ على النار.. فلا المشنوق له الحقُّ في تأجيجِ الخلاف.. ولا التيارُ الوطنيُّ من جهتِه مسموحٌ له أن يَحصُرَ الحملةَ بقائدِ الجيش.. ويَغفُلَ عن كلِّ المِلفاتِ المتراكمةِ التي من شأنِها أن تُطيّرَ حكومات.