يَطرُقُ العونيونَ غداً أبوابَ القصرِ الفارغ .. ويَؤمُّ الحَراكُ هذا المساءَ مُحيطَ مَنزلِ المدّعي العامِ التمييزيّ القاضي سمير حمود ..وفي مكانٍ ما يجاهدُ الوزير أكرم شهيب في خُطتِه لإنقاذِ سعد الحريري قبلَ كلِّ الناس ويوماً ما قيل إنّ التاريخَ إذا أعاد نفسَه فإنّه يتكرّرُ بمَهزلة لكنّ متعهّدَ البيئةِ يُعيدُ التاريخَ بمَزبلة بحيثُ تُظهِرُ وثائقُ عامِ سبعةٍ وتسعين أنّ الرئيسَ رفيق الحريري أكرمَه اللهُ بشهيب لقضاءِ حوائجِه الماليةِ في سوكلين : تمديداً وزيادةَ أسعار حَملت تلك الأيامُ بدايةَ الصعوباتِ الماليةِ للحريري حيث استدانَ مِن صديقٍ سُعوديٍّ مبلغَ مِئتي مِليونِ دولار حينذاك كانت براعم ُشهيب الأولى قد تَفتّحت لدى تعيينِه وزيرًا للبيئةِ عامَ ستةٍ وتِسعين ونمَت مواهبُه بعدَ عامٍ واحدٍ ليَستعينَ به الحريري في استثمارِ أموالِ النُفايات .. فامتلأت شوارعُ بيروتَ بالنُفاياتِ في مَشهدٍ مُطابِقٍ لمواصفاتِ اليومِ حَفْرًا وتنزيلاً ثماني عشْرةَ سنةً كانت كفيلةً بصقلِ مواهبِ شهيب الذي استُقدمَ مرةً ثانيةً لإنقاذِ الابنِ بعدَ الأب وتنفيذِ خُطة: سعد جنبلاط فصدرت التعليماتُ لرئيسِ الحكومةِ تمام سلام بتجميدِ عمَلِ وِزيرِ البيئةِ محمّد المشنوق وإطلاقِ عَجَلاتِ وزيرِ الزراعةِ في مِلفٍّ يَحمِلُ الطابَعَ الانقاذيَّ لشركاءِ النُفاياتِ أنفسِهم . واليومَ أصبحَ للشركاءِ السياسيينَ أذرعٌ أمنيةٌ توقِفُ الناشطين وتطوّقُ حَراكَ الناسِ وتُبقي في السجونِ على شبابٍ خَرَجَ سِلمياً ليصرُخَ مِن ألمِه ومرارتِه ثُمّ تُعطيه دروساً في التظاهراتِ على طريقةِ إيتكيت التظاهر .. . وزحفاً زحفاً حتّى القصر يَسلُكُ العونيونَ غداً طريقَ بعبدا مِن بوابةِ ذكرى تِشرين بعدما سُدّتِ الأبوابُ السياسيةُ وانتَهت مراحلُ التسوياتِ التي رفضَها التيار واستعدادًا فقد نصَبَ العونيونَ خِيماً على طريقِ بعبدا فيما يتوجّه الجنرالُ بكلمةٍ إلى اللبنانينَ غداً وُصفَت بالمصيرية . وفي يومٍ مِن تِشرينَ أَمطرت مدينةُ زحلة دموعاً على رحيلِ زعيمِها الياس سكاف .. الرجلِ الذي خذَلَه سياسيونَ قبل أن يخذُلَه المرَض .. فيَمضي بعدَ أربعِ سنواتٍ مِن المرارةِ المُشتركةِ صِحياً وسياسياً .. ماتَ ابنُ المدينةِ المُشعّة .. الذي سكنَها كضوء وكانَ لها كُتلةً شَعبيةً يَجري معَ ناسِ زحلة كبردونِها .. وإن كلّفهُ الأمرُ أن يَسيرَ عكسَ التيار وفي مُستشفى الجامعةِ الأميركيةِ انتَهت رحلةُ سكاف التي تَمشِي آخرَ خُطُواتِها المُسجّاةِ نحوَ عَروسِ البقاع لوَداعِ رجلٍ مِن آوادمِ هذا الزمان