تدبرّوا أمرَ نُفاياتِكم ودعْكم مِن تهويلِ ملياراتِهم.. فالأولويةُ اليومَ قبل الرئيس وقبل هِباتٍ لم تكُن موهوبة.. وقبل قرقعةِ سيوفِكم هي في معالجةِ “زبالتِكم” التي أفرزت أمراضاً لا اسمَ لها.. وكدّست مرضى في المستشفيات ومرّت على ثلاثةِ فصولٍ مِنَ السنةِ مِن دونِ حلِّ.. ولو جاءَ على ظهرِ تَنصيبِة مافيات روسية لبنانية . قبل أن نسألَ عن ملياراتٍ ضاعت ونَستجديَ الواهبَ ونَحُطَّ مِن نفْسِ بلادٍ نأتْ بنفسِها.. فلْنسأل عن بضعةِ ملايينَ مِن الناسِ لا يطلبونَ اليومَ سِوى إستراتيجيةٍ بيئيةٍ تَقيهم شرَّ الأوبئةِ والأمراضِ الناجمةِ عن أزْمةٍ تخلَّى الجميعُ عن مسؤوليتِها فمكةُ أدرى بملياراتِها.. هي قرّرت وتَراجعت.. عاش الملِك.. ماتَ الملِك لكنَ حالةَ الاستعطافِ الداخليِّ والتوسّلِ والتضرّعِ والزحفِ السياسيِّ المترافقةَ وإنزالَ العقوباتِ على وزيرِ الخارجيةِ جبران باسيل وآخرين.. كلُّها حمَلاتٌ غيرُ مُنصِفة.. لا بل هو التجنّي بعينِه إذ إنّ باسيل ومعَ كلِّ صلافتِه الدبلوماسيةِ حيناً والسياسيةِ المحليةِ في أغلبِ الأحيان.. قد أنقذَ الإجماعَ العربيَّ في اجتماعِ القاهرة.. فلو اعترضَ وزيرُ الخارجيةِ اللبنانية آنذاك لَعطّلَ صدرورَ القرار.. لأن خروج أي دولة عن شمولية التضامن يُبطل الإجماع العربي لكنّ باسيل كانَ رَحيماً والتزمَ البيانَ الوزاريَّ بالتنسيقِ معَ رئيسِ الحكومةِ حَرفاً بحَرف.. وعدمِ الدخولِ في النزاعاتِ العربية.. أو إذا تعذّرَ اعتمادُ المقاربةِ التوفيقيةِ نلجأُ إلى الاكتفاءِ بمعادلةِ النأيِ بالنفس وهذا ما حدثَ في اجتماعِ القاهرة حيث ساهمَ باسيل في إمرارِ الإجماعِ بتحفّظٍ عن فِقرةِ حِزبِ اللهِ ونعتِه بالإرهاب.. وكانَ ذلكَ مَحطَّ تفهٍّم عربيٍّ عبّرَ عنه الأمينُ العامُّ للجامعةِ نبيل العربي.. لما للبنانَ مِن خصوصيةٍ في تركيبتِه السياسية ولقد كانتِ الخارجيةُ اللبنانيةُ أولَ المبادرينَ إلى إدانةِ التعرّضِ للبَعَثاتِ الدبلوماسيةِ السُّعوديةِ في إيران.. ولأيِّ تدخّلٍ في شؤونِها وهو ما جرى تأكيدُه في اجتماعَي وزراءِ الخارجيةِ العرب ومُنظمةِ العملِ الإسلامي ِّوخطياً . جبران لم يُخطئ.. وهو مشى على خطوطٍ دبلوماسيةٍ رسمتْها الحكومةُ اللبنانية أما التهويلُ مِن سعد الحريري إلى سمير جعجع وآخرِين فهو لزومُ تنافس “طفرانين” على ودِّ المملكة.. وهم وغيرُهم يُدركُ أنّ في لبنانَ جناحينِ سياسيين فكما تُنتقدُ السُّعودية.. تقامُ كلَّ صبيحةٍ وعَشية مواسِمُ الحجِّ إلى بيتِ إيرانَ لرجمِه وتفتييتِ ولايةِ فقيهه.. ويمتطون الأحصنة السياسية يومياً لمهاجمة الفرس وأدواتهم في لبنان فما الذي تغير؟ إلا إذا كانت المليارات الثلاثة قد سحبت من بنك معراب.. أو أنها كانت ودائع مصرفية في خزنة آل الحريري.. أو أن السعودية سلّفتها ديناً يرده وليد جنبلاط على دفعات من ثمن المزابل وفي أسوأ الأحوال لو وصلت المليارات إلى جيوب السياسين اللبنانيين لكانت قد سُرقت في صبحية اليوم التالي.. وإنْ من جيب المؤسسة العسكرية فكفوا عن إقامة مراسم العزاء وطمر المليارات وآتونا بحلول للنفايات.. واللبنانيون سيكونون لكم من الشاكرين.