ما كان سرا بات على العلن، وما فعلته تعاميم مصرف لبنان مواربة بكل اللبنانيين على مدى سنين، كانت اليوم واضحة مع رواتب الموظفين.
فما اعتبر الشهر الماضي مكرمة من مصرف لبنان أن قدم رواتب الموظفين بالدولار، تحول هذا الشهر الى منقصة سرق خلالها التعميم ما يقارب العشرين بالمئة من رواتب الموظفين الذين تقاضوا اجورهم على اساس دولار منصة صيرفة على ان يصرفوه بالسوق السوداء بدولار اقل بما يقارب الثلاثة آلاف ليرة، فيما تكفل اصحاب القلوب السوداء بالقضاء على ثلاثين بالمئة اضافية من قيمة راتب الموظف بل من كل جيوب اللبنانيين عبر ابقاء الاسعار على ما هي عليه، فالدولار الذي حلق مصطحبا معه كل السلع في السوق اللبنانية عاد ادراجه وحيدا، ورغم خسارته ما يقارب ثلث قيمته امام الليرة اللبنانية، فان بعض السلع قد زاد سعرها فيما انخفضت اخرى بخجل..
فهل من يخجل ولو قليلا في هذا البلد؟ هل من معني قادر ان يشرح للمواطنين عن هذه السرقة الموصوفة التي تشارك فيها الدولة العميقة وهي الطغمة الحقيقية الحاكمة لعقود من مصرفيين وبعض التجار الفجار وبعض اتباعهم من السياسيين وسط انهيار تام لقدرة الدولة ومؤسساتها. فالى ما يؤسس هؤلاء؟ الا يكفيهم ما تسببوا به من خراب؟ وما هربوه من اموال؟ ام ان ارباحهم المالية والسياسية برفع سعر الدولار لم تكفهم، فعادوا لتسجيل تلك الارباح بالتلاعب به نزولا وتحقيق سرقات اضافية من جيوب اللبنانيين؟ والى متى سيبقى المواطن تحت رحمة هؤلاء الذين لم يعدموا الافكار الشيطانية لضغط اللبنانيين وصولا للانفجار وامكانية استثمار ذلك في الاستحقاقات القادمة؟
هو واقع لبناني مقلق عبرت عنه رسالة البابا فرنسيس التي حملها أمين سر الفاتيكان للعلاقات بين الدول المونسنيور ريتشارد بول غالاغير الى المسؤولين اللبنانيين، محذرا من اختلال الصيغة اللبنانية، فيما البعض الواهم لا يزال يصوغ كل تحريض وخطاب ولا يرى ابعد من صناديق الاقتراع..