جدر سياسية سميكة خلخلتها ارتدادات الزلزال التركي السوري واحدثت فيها الفجوات، فمشت عبرها الحكومة الارمينية الى تركيا متخطية عقودا من التاريخ المرير، وتجاوزت الحكومة اليونانية حدود الاشتباك مع أنقرة عابرة كل النزاعات. وعلى المقلب السوري وصلت الحكومة الاردنية ممثلة بوزير خارجيتها ايمن الصفدي بعد انقطاع طويل، وسبقته الامارات وحتى لبنان بوفود رسمية ودلالات انسانية تفوق كل الاعتبارات السياسية..
اما على الساحة اللبنانية فلا من يعتبر، ورغم الزلزال المدمر الذي يصيب الاقتصاد ومن خلفه كل البلاد، هناك من لا يريد ان يعبر احقاده واوهامه وقيود ارتهانه الخارجية، ويمشي ولو بالعناوين الانسانية للوصول الى بداية حلول سياسية مقدمة للانقاذ..
فالبعض عند جموده يرفض كل طروحات الحوار للوصول الى انهاء الفراغ الرئاسي، واعادة تكوين حكومة تتفرغ لاجتراح الحلول، في وطن تخطى دولار سوقه السوداء الخمسة والسبعين الف ليرة، ووصل مستوى الثقب بالاقتصاد حد تفريغه من كل عملة اجنبية، فيما المصرف المركزي وحاكمه في غاية العجز – وان كابروا، ومصارفه مضاربة واخرى متآمرة – وان انكروا، وقطاعاته الانتاجية في غاية الفوضى والتيه – وان تجمعوا في جمعيات ونقابات..
وامام جموع الازمات هذه، يرفض البعض حتى الآن التعقل والرأفة بالبلاد والعباد، ويصر على انتظار الخارج الذي يتمايل بسفرائه ومندوبيه على بقايا الوطن، ويرتقب آخر انفاس الدولة التي تحترق باسعار المحروقات وتختنق برائحة البصل وتجاره، ولا من ينبس ببنت شفة ، او يتدخل للحد من الكارثة – لا حكومة ولا وزارة مال ولا مجلسا مركزيا لمصرف لبنان ..
ووسط كل هذا الافلاس، مخزون من امل طالما انقذ البلد واهله، وما زال قادرا لو استعان بقيمه الجميع، انه خزان التضحية والفداء الذي جسده السادس عشر من شباط – ذكرى القادة الشهداء، الذين سقوا الوطن ومقاومته من دمائهم فقوي على البقاء. ومن منبرهم يطل غدا الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله عند الثالثة عصرا محييا ذكراهم، ومجددا ثوابتهم، ومتناولا ابرز التطورات…