عصفت يوهان بلبنان ساحلا وجبلا، تركت آثارا في كل بقعة وطئتها رياحها وظللتها غيومها وضربها صقيعها، في اليوم الثالث قصدت يوهان جنوبا، لتحيك بياضا غطى البلدات والقرى من ارتفاع خمسمئة متر وما فوق، في الطريق الى مرتفعات شبعا وحاصبيا ومارون الراس.
عصف يوهان لم يترك بيروت بسلام بعد اقتحام المنازل واقتلاع الاشجار والارصفة، توغل في السراي الحكومي، وأحال جلسة مجلس الوزراء من عادية الى ساخنة، بل استثنائية. فآلية عمل الحكومة كشفت المستور، وأخرجت دفائن الصدور ودفعت الرئيس تمام سلام إلى نزع الفتيل بيده، مرجئا الجلسة الى موعد آخر، والى حوار سياسي ينتج توافقا قبل العودة مجددا الى الطاولة.
فتيل آخر يأخذ طريقه في ما بات يعرف بالجبهة الجنوبية، الجيش السوري يمضي بخطى سريعة نحو حسم المواجهة مع الجماعات الارهابية بعدما اتخذت من تلك المنطقة خلال سنوات الأزمة قاعدة لها، تحميها اليد الصهيونية عند الحاجة، وتحمي بدورها شريط الاحتلال الى الجولان.
على نحو متسارع هوت حصون المسلحين بينما كان المسؤولون الصهاينة يمسحون عرق قلقهم المتزايد من استعادة الجيش السوري مبادرة المواجهة، وقد باتت جبهة الجولان رقما جديدا إضافيا على خرائط العدو العسكرية.
هذا على طول مساحة الشريط الحدودي مع المحتل، أما على الطاولة المستديرة لمجلس الأمن الدولي فالقرارات من جديد أشبه بلوحات اعلانية تضاء بين حين وآخر لتقدم تبرؤا لا يعطي المجتمع الدولي براءة من إغفال التمويل لتنظيم داعش بعدما غرف من آبار النفط السورية والعراقية ما لم تنله اي مجموعة مسلحة أخرى عبر مسارب لا تخفى على قمر صناعي، ولا عين مراقب على امتداد المعابر الحدودية.