مقطوع الأنفاس وبلا قطع حساب وصل مشروع قانون الموازنة إلى مجلس النواب، وفي طريقه كتم أنفاس المواطنين فحشروا في زحمة سير رصد أولها في ساحة النجمة وآخرها في ضبيه.
في الداخل كشف حساب لمشروع أشبع درسا في النسخة الحكومية عن الندوة البرلمانية، وفي الخارج عسكر يحمي بإجراءات أمنية مشددة، وعسكر معتصم اختصرت صورته بإقدام متقاعد على إحراق طرفيه الصناعيين صارخا “رجعولي إجريي وما بدي شي”.
الصرخة لم يصل صداها إلى مسامع النواب فكل واحد كان يصرخ على ليلاه.
في جلسة تصفية الحساب مع الموازنة أمهل قطع حسابها ستة أشهر إلى الأمام وأسقط مفعول اقتراح الحل جلسة للحكومة كان الرئيس نبيه بري قد أعلن انعقادها غدا ليعود ويعتذر في المساء عما قاله في الصباح.
من باب المال العام المهدور برزت كلمتا السيدين في الجلسة الصباحية ومن معادلة “نيملي ملف تنيملك ملف” و”قضاءك بيفتح ملف وقضائي بيفتح ملف” طرح النائب حسن فضل الله تسوية آخر الدوا الكي على الذي صرف أموال اللبنانيين بغير حق قائلا ” كل مبلغ بترجعو بنعطيك نسبة” كما يحصل في محاضر ضبط السير.
أما النائب جميل السيد فقال إن هذه الموازنة تفتقر إلى رؤية تعالج الأزمة الاقتصادية والمديونية والفساد والهدر، هذه موازنة البحث عن القرش في جيوب الناس.
في الجلسة المسائية شنت القوات اللبنانية عدوانا على الموازنة فتولى رئيس الحكومة سعد الحريري الدفاع وعلى قاعدة أنها موازنة الممكن قال “اعملوا اللي بدكن اياه هروني هجوم” ولكن لا تمسوا الاستقرار المالي والنقدي.
نقد القوات لسياسة الحريري المالية بدت كرسالة سياسية مشفرة على توقيت زيارة رؤساء الحكومات السابقين إلى السعودية، ومما يقرأ من رحلة الحج السياسي أن الثلاثي ميقاتي السنيورة وسلام حاول كبح جماح تحالفات الحريري وتقليم مساحاته المشتركة مع غير طرف، وفي الرحلة صلاة بعث الروح في رميم الرابع عشر من آذار وأسطوانة النأي بالنفس شعار المرحلة الميقاتية، وهم ذهبوا إلى المملكة لتأليبها على فريق وطلب دعمها لفريق آخر، وفي هذا المقام كلام للرئيس سليم الحص قال فيه إن أي استنجاد أو استقواء بالخارج لاستجرار أي نوع من التدخل في المسائل اللبنانية الداخلية لمصلحة هذا الفريق أو ذاك يستدعي حتما تدخلا خارجيا مقابلا لمصلحة الطرف الآخر وإن أي مشكلة وطنية مهما كانت مستعصية، حلها يكمن في الحوار البناء بين اللبنانيين أنفسهم ومن دون اي تدخل خارجي.
لاقاه من الديار شارل أيوب الذي وصف الزيارة بالخطرة وكتب في الحقيقة كان على الرئيسين ميقاتي والسنيورة أن يطالبا ويسافرا إلى السعودية عندما جرى احتجاز الحريري ويومذاك قاد الحملة للافراج عنه الرئيس ميشال عون ولم يتحركْ لا ميقاتي ولا السنيورة والعلاقة بين السعودية والحريري ليست بحاجة الى واسطة.