IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأحد في 04/08/2019

إذا كان أمل لبنان بصيفه ونسائم مهرجاناته، فإن “المطاوعة” الدينية ضربت عز الصيف، وحرفت مدينة الحرف عن انفتاحها. وبعد ترهيب “مشروع ليلى”، انسحبت فرقة within temptation الهولندية، تضامنا مع حرية التعبير، ما دفع بلجنة مهرجانات جبيل إلى تسطير بيان أقرب إلى طلب النجدة، مذيلة بيانها بعبارة لن “نسكت”.

لكن اللجنة نفسها سبق لها وأن سكتت، لا بل منحت التشدد فرصة تبرير قراره، عندما ربطت حفل “مشروع ليلى” بإراقة الدماء، وخضعت للسلطات الدينية والسياسية، وأقدمت على الإلغاء. وكان بمقدروها إعلان العصيان على الهيكل، وإقامة الحفل، لأنها أمام مشروع موسيقي، ولن يتحول بأية حال إلى مشروع شيطاني.

والشيطان يكمن في التفاصيل السياسية والأمنية والإدارية، حيث لا تزال الملفات محبوسة ومعلقة على الصلاحيات من جهة، ومدفونة في قبر شمون من جهة أخرى، فيما الدولة ممسوحة بقرارات وزارية تبيع وتشتري من تحت طاولة مجلس الوزراء وفوقها، ومبنى “تاتش” شكل عنوان الرذيلة الأول الذي تناوب عليه الثنائي الجراح- شقير، ونفض وزير المال علي حسن خليل يده المالية، على اعتبار أن وزارة الاتصالات مملكة مستقلة، تصرف على هواها من دون إذن مجلس الوزراء، وبلا مرور في الخزينة، وخلافا لأي مناقصة، وبملبغ سيفوق المئة مليون دولار مع المصاريف التشغيلية.

وبعد أن انقطعت الاتصالات مع وزير الاتصالات، وغاب عن السمع لأكثر من يومين، ظهر بيان موقع باسم مكتبه يعلن فيه عن تغريدة تعيد تكرار التوبيخ للنائب جميل السيد متوجها إليه بالقول: من شب على تركيب الملفات شاب عليه.

لم يوفر شقير قدحا إلا وذمه بالسيد، من عبارة الوقح والكاذب صعودا، لكنه لم يدل مرة واحدة بتفاصيل مالية وتقنيه دفعته إلى هذا الانجاز العظيم لدى شرائه مبنى في أغلى بقعة لبنانية. قد يكون شقير على حق عندما وصف السيد بالوقح، لأن نائب البقاع لم يكن جميلا، واستخدم عبارات مستخرجة من حجم الصفقة الأوقح.

لكن في المقابل، فلن يزايد أحد على شهرة محمد شقير بالخدع المتتالية، من الاتصالات إلى النفايات فالهيئات. وهو في بيانه اليوم وعد بمؤتمر صحفي لن يعقده غدا أو بعده، بل ضرب للبنانيين موعدا يوم الجمعة المقبل، ما يعني أنه سيترك الجدل قائما أسبوعا آخر، حتى ينهي وزير الاتصات إجازته والتقاطه الصور التاريخية مع شخصيات “ملحقة” بركب فساد الاتصالات، وسبق وأن استفادت من الخدمة.

وفيما اندلعت حرب الرشقات ال”تويترية” بين شقير وجميل السيد في ساعات المساء، ظل البارز هو نأي وزير المال بنفسه عن مالية الدولة، وعن مشروع بحجم صفقة مشبوهة. وارتأى علي حسن خليل الرد على “الجديد”، متجنبا لسان النائب السيد الذي أعطيناه الألوية في كشف هذه الفضيحة.

وتجنب خليل كذلك، تصريح صاحب المبنى نبيل كرم الذي كان أجرأ من كل الدولة، وكشف أن شقير سبق واستحصل على إذن وزير المال ورئيس الحكومة لشراء العمارة الخرافية.

فمن من الوزراء يكذب أكثر؟. كلهم شطار في مجال التضليل، والسباق على أشده، شقير ينافس خليل، ووزير المال ينفض يديه، والجراح سبق الجميع إلى الصفقة بأحرفها الأولى. أما القضاء فيتفرج على مجموعة مارقة، فلا نيابة عامة مالية تحركت ولا مناوبين أخذوا علما وخبرا.. وسارحة ورب الدولة غير راعيها.