IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأحد في 10/11/2019

ضرب الأحد الرابع في أرض ثائرة، وعلمت دعساته على خد السلطة، لكنها لم توقظها. فالمتظاهرون في الشهر الأول من الثورة لم يعدموا وسيلة إلا وخاضوها، مشوا في اليابسة اللبنانية، وعلى سطح الماء، عمالا وشعراء وفلاحين، طلبة خرجوا من صفوفهم لنيل شهادة وطنية. استملك المواطنون أرض الزيتونة وجعلوا مطاعمها بساطا على الأرض. مراكب الصيادين رفعت أشرعتها للتصويت على حراك بحري. مطار القليعات أقلع بطائرة من ورق، تذكيرا بوجود ملاحة جوية على أرض الشمال تسمى “مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض”.

كل هؤلاء، وقبلهم خمسة وعشرون يوما من أيام الثورة والغضب، ولم يتحرك الساكنون على رؤوس العباد. وأقصى ما ارتكبته رئاسة الجمهورية أنها لعبت في الأوراق النقدية، فجهزت وزيرين من عيار جريصاتي وبطيش، ووضعتهما في مواجهة حاكم مصرف لبنان والمصارف، وأزاح الرئيس ميشال عون عن ظهره حمولة مالية، وكلف بها مجموعة النقد المحلي، ليتفرغ في الأسبوع المقبل لمعركة إنقاذ جبران، لكن طريقك مسدود والحكومة نائمة في قصر مرصود يا ولدي.

والمعلومات لغاية الساعة، تؤكد فشل المساعي مع الرئيس المستقيل وخلانه، بحيث يشترط الحريري حكومة خالية من السياسيين والوجوه الكالحة المنبوذة من قبل الناس. ويستعين الحريري بقدرة الشارع على قلب أي تشكيلة تعيد إنتاج السلطة عبر مسحوق لا يزيل الأوساخ. وهذه فرصة الشعب، والذين توجه إليهم الرئيس حسين الحسيني اليوم بنداء في الساحات والمنازل قائلا: لا تنتظروا ممن أسرف كل الإسراف في إفقاركم، ممن لم يعرف حدا في إذلالكم، ممن لا عيش له إلا بإكراهكم، وتفرقة صفوفكم، وبث العداء في نفوسكم، لا تنتظروا سوى الشر.

لكن إصرار الرئيس غير المكلف على حكومة الخبراء واستبعاد الأحزاب، اصطدم بأول كتلة رعدية هبت من صوب “حزب الله”، وقال النائب محمد رعد: لا تلوى ذراعنا، ولا يحيدنا عن تحقيق أهداف الشهداء لا شغل ولا اهتمام جزئي ولا معارك مفتعلة يفرضها الآخرون بين الحين والآخر. ونبه إلى أن المسار الذي تسلكه طريق مكافحة الفساد، ينبغي ألا يأخذنا إلى ما لا يمسك به العدو ليبتزنا بأمننا واستقرارنا وليغير المعادلات.

وأبعد من الإصرار على التمثيل، يتوجه “حزب الله” إلى أولى معاركه الميدانية في محاربة الفساد، وينفذ النائب حسن فضل الله عملية انغماسية نيابية تساعد، في حال نجاحها، على تطبيق وعده بمكافحة الفاسدين. وهو قال اليوم إن مطلبنا من الهيئة العامة إقرار رفع الحصانات، ودفع القضاء المختص نحو محاكمة الوزراء الذين تحوم حولهم شبهات واتهامات، لاسيما أن القضاء يتذرع بمعجزة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء الذي ما زال معطلا. ولأننا في وضع استثنائي، فقد سأل فضل الله: لماذا لا يتم تجميد أملاك وحسابات الذين مروا على السلطة، وكل شخص عمل في الدولة اللبنانية ولديه ثروات الآن، يتم الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، ونراسل الدول الخارجية بضرورة الحجز.

غير أن فضل الله قد يصبح شهيدا في هذه العملية، ما لم تتم مؤازرته من قبل حزبه أولا وبالسلاح الثقيل، ومن نواب حلفاء كنواب الرئيس نبيه بري أو من خارج الدائرة الحليفة كنواب “القوات” و”الكتائب” الذين حملوا راية مكافحة الفساد في التصاريح والمواقف.

لكن ملامح الجلسة التشريعية لا تبدو عليها علامات الجدية في الطروح التي لم ترق إلى مستوى مطالبات الشعب، فالجلسة لم تتضمن مشروعا لاستعادة الأموال المنهوبة، ولا تجميد حسابات المسؤولين ورفع السرية المصرفية. واذا ما صدقت الجلسة على اقتراحات ومشاريع تهز بنيان الدولة الفاسد، فإن مجلس النواب سيدخل شريكا في عملية فساد تشريعية، تمكنت من خداع الشعب وتمرير السم في العسل النيابي، وعندها فإن المجلس برمته سيطلب من الشعب العفو العام.