اندلعت حرب الجبل بسلاح التغريدات والبيانات الثقيلة، وضغط التيار على الزر النيابي فسجل ردودا عنيفة على رئيس “الحزب التقدمي” وليد جنبلاط، الذي بادر إلى نعت العهد بالفاشل من أول لحظة، ولم يبق نائب على صمته، حيث تضرجت التصريحات بالدماء والقبور ومآثر الحرب والتهجير، والاتهام بالخيانة والفساد والارتهان، وإلى آخر الأوصاف ذات الصلة، نزل إلى ساحة الوغى نواب وشخصيات حزبية من الطرفين، ودخل على طرف النزاع الوزير طلال أرسلان بقوة إسناد للعهد في وجه جنبلاط.
أما أكثر الردود ربطا بالسياسة، فكانت لوزير العدل سليم جريصاتي، حيث سأل جنبلاط: لماذا تريد توريط المملكة بالإيحاء بأنك تنفذ أمر عمليات فاشلا بالذخيرة الخضراء ضد عهد أصبح سيده خارج مرماك ومرمى أزلامك. ونصح جريصاتي زعيم “التقدمي” بالعودة إلى أرشيف عام 1997، حيث سيجد هناك وصفا مناسبا أسداه العماد ميشال عون. ولدى ضربة بحث في التاريخ الحديث عن الوصف العوني، جرى العثور على منشور من زمن الغربة يفند فيه جنرال المنفى شخصية زعيم الجبل الذي يرتشي بحجة أنه “مزنوق” ويمسك بدفاتر حسابات مزدوجة وهو واحد من حيتان المال، له علاقات مميزة مع سوريا التي ينعم بحمايتها، ينكر ما يقول ثم يقبل بما تنكر له، يعارض صباحا، يبارك ظهرا، وينحني مساء.
وإذا كانت لغة التسعينيات أقرب إلى الفهم بمعزل عن التفهم، فإن مفردات عام 2018، أعادها النائب وائل أبو فاعور إلى العصر الأموي، مستخدما في رده على “التيار” عبارات لا شك في أنها دخلت المعاجم والطلامس لتبيان معانيها، ولم يستخدمها قبله إلا الفرزدق وجرير، ومنها: الصئي والأشخوب وجوقة القاق. وقال وائل بن أبي ربيعة لمنتقدي جنبلاط: إن رؤوسكم تحت الرمل، وقدر وليد جنبلاط أن يبقى علو الصقير.
تحت هذا الوابل من الرصاص الكلامي الحي. هل تشكل حكومات؟، وهل يدفع بالتأليف إلى التعطيل؟. فصراع العهد و”الاشتراكي”، مضافا إليه نزاع المفوضية وتمايز “القوات”، معطوفا على رسائل وزير المال علي حسن خليل إلى الدول المعنية بعدم قبول اعتماد السفراء الفخريين قبل الحصول على توقيعه، كل ذلك يضع التأليف عند مفارق طرق ويهدد بتمديد فترة تصريف الأعمال إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
وقد صلى الرئيس سعد الحريري اليوم في مكة المكرمة صلاة العيد، إلى جانب الملك سلمان بن عبد العزيز. لكن إذا بقيت السجالات على ما هي عليه، فقد تدفع بالحريري إلى الطواف سبعا حول الكعبة الشريفة من خارج زمن موسم الحج، طلبا لهداية المسؤولين اللبنانيين الذين أصيبوا بعوارض استعادة الحرب، وكان أغلب الاعتقاد أن زمن المونديال سوف يلهي المسؤولين عن معاركهم، لكنهم اتخذوا من كأس العالم فرصة لتسجيل الأهداف واللعب على الكلام وتسديد ضربات الجزاء. أما الجمهور فهو على حاله: مجرد متفرج، وكل يصفق لفريقه.