خضعت التشكيلة الحكومية لفحوص عينية اليوم في بعبدا التي زارها الرئيس المكلف حسان دياب. وطبقا للمصادر المطلعة الموزعة، فإن التوليفة تبلغ سن الرشد… 18 وزيرا من أهل الاختصاص وإلغاء وزارات، لكن إسقاط الأسماء على الحقائب لا يزال في طور البحث، والأبحاث العلمية لدياب لا تعني انقطاعها عن ممثلي الأحزاب والتيارات، إذ أنه يواصل اجتماعاته بعدد من المكونات، وآخرها مع نواب “اللقاء التشاروي” الذين زاروه في منزله، وخرجوا بانطباع إيجابي.
وقالت مصادر الرئيس المكلف ل”الجديد”: إن دياب لا يزال يعمل بصمت، ووفق معايير حكومة الاختصاصيين، ويجري التواصل مع القوى السياسية المتمسكة بتمثيل سياسي للوصول إلى اتفاق يلاقي تصور الرئيس في شكل الحكومة. أما بالنسبة إلى التواصل مع رئيس الجمهورية فهو مستمر، وبات محسوما أن لا ولادة للحكومة قبل رأس السنة…
وعن الأسماء المتداولة، قالت المصادر عينها: إن هناك أسماء جرى اقتراحها فعلا، وسربت قبل تبنيها من الرئيس المكلف.
وعلى ضفاف التأليف، عادت أزمة توقيع مرسوم عام أربعة وتسعين، حيث غابت تواقيع رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير المال لتعذر وجودهما في مكان العمل، وهي الذريعة التي يتخذها الطرفان للتهرب من توقيع مرسوم سبق أن شهد خلافا سياسيا وعسكريا وطائفيا.
وإذا كان من المتعذر وجود الحريري وإن لصقا، فإن وجوده السياسي معرض بدوره للانقراض بعد عمليات العزل التي واجهته تارة لا إراديا، وطورا بملء إرادته. ومع نفي قيادي في “المستقبل” أنباء الاستعداد للتحرك في الشارع، تظهر أولى علامات التحرك المنظم على شكل عفوي، وهي مرحلة تمهيد ليقول المستقبل غدا: “ما آني “، ولست مسؤولا عن تحركات شعبية خرجت غيرة على الصلاحيات والطائفة. ويفصل الحريري بذلك بين “المستقبل” والحريرية السياسية. لكن هل يوافق المنتسبون إلى “تيار المستقبل” على هذا الخط بعد كل ما سمعوه من خطر الشارع؟ وهل استمعوا الى تحذير الرئيس نبيه بري من اللعب بالنار؟ هل بحريرية سياسية تأخذ الشارع رهينة؟ وهل بإمكان شارع أن يفك عزلة الحريري؟
والعزلة هنا تتمدد… من “القوات” التي خذلته، الى بري الذي خذله الحريري مرات ثلاث، الى وليد جنبلاط الساكن في منطقة معارضة، إلى “حزب الله” الذي دلل الحريري “لآخر نفس”، فضلا عن عزلته الأساسية عن “التيار الوطني” بفخامته وجبرانه.
وخيار النأي بالنفس عن زعيم “تيار المستقبل” جاء فرنسيا أيضا وسطرته الخارجية الفرنسية ببيان “أخذ المسافات “، وقالت: “إن ليس لفرنسا أن تقرر تكوين الحكومة اللبنانية المستقبلية، وإنما الأمر متروك للبنانيين”، متمنية “تأليف حكومة فعالة تساعد على اتخاذ القرارات بسرعة كبيرة، وأن تلبي هذه القرارات مطالب الشعب اللبناني”.
فماذا بقي من الرواية الغربية؟ باريس الحاضنة قررت ألا تنام على حرير.. أميركا سبقتها إلى ترسيم الحدود السياسية مع الحكومة المقبلة وإعلانها انتظار نتائج التأليف، فماذا عن أموال “سيدر” بعد المسافة الفرنسية ؟ وهل تفرج عنها فرنسا والدول الخليجة بمعزل عن اسم سعد الحريري؟
لعل العبارة التي أعاد ترميمها الشهيد رفيق الحريري على اعتاب السرايا تبدو اليوم في أوج تألقها “ولو دامت اليك لما آلت لغيرك”.