على ارتفاع أربعة آلاف عن سطح ليرة بالأرض.. هز رئيس الحكومة حسان دياب جذوع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في أول اتهام من نوعه على مر ثلاثين عاما، معلنا وضع المصرف المركزي في حجر التدقيق المالي بعد تكليف شركة دولية حيادية تحقق في الأداء، وفي خروج خمسة مليارات وسبعمئة مليون دولار من المصارف اللبنانية بين شهري كانون الثاني وشباط، لم يمسك دياب الأزمة من منتصفها ولا هو مشى على أطرافها، لم يتوقف عند الحصانة الطائفية التي منحت لسلامة في الساعات الماضية.
بل قال له بشفافية ووضوح: أداؤك مريب.. تعالج بالكواليس.. هناك فجوة في الحسابات والسياسات النقدية.. حجم الخسائر في المركزي وصل الى سبعة مليارات دولار منذ مطلع العام الحالي.. فاخرج للناس وأعلن الحقائق للبنانين بصراحة، كان دياب في خطابه الموجز حاكما.. لكنه ليس مطمئنا إلى سلامة الوضع الذي قال إنه تدهور بشكل مريب في السوق السوداء.
وقال إن: المصرف المركزي عاجز أو معطل بقرار أو محرض على هذا التدهور، وإذ رأى أن اللبنانيين يعانون كثيرا، سأل دياب: هل بإمكان سلامة الاستمرار في تطمينهم إلى سعر الليرة كما فعل قبل أشهر ثم فجأة تبخرت هذه التطمينات؟
وبذلك قرر رئيس الحكومة البدء فورا بمعالجة “جائحة” مصرف لبنان عبر التدقيق في “الثقب الأسود” وتغيير نمط التعامل مع الناس الذين يدفعون ثمن تبعات الازمة، ويعيشون قلقا كبيرا على لقمة العيش وجنى العمر ورواتب خسرت قيمتها، وإذا كان مجلس الوزراء قد طرح مسألة إقالة حاكم مصرف لبنان من خارج الجدول بطلب من رئيس الجمهورية، فإن الحكومة لم تتوصل الى إجماع حول هذا الأمر، الذي ترك انقساما في الآراء الوزارية، لكن خطاب دياب سيكون ثقله على الحاكم المركزي أصعب من إقالته، لكونه حمل قرارا اتهاميا مباشرا قاد الى وضع المصرف تحت رقابة التدقيق الحكومي والضرب على الحديد المصرفي وهو حام .
كان سيد القرارات حيث فتح رئيس الحكومة حسابا نقديا مصرفيا لكل من ساهم في تهريب الأموال بعد السابع عشر من تشرين، وقال إن السيولة في المصارف بدأت تنضب ولذلك فإن المطلوب هو اتخاذ مبادرة والتصرف سريعا.. وبخروج المليارات منها بدون تدقيق نناقش اليوم مشروع قانون يلزم جميع مساهمي المصارف من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين واصحاب الحقوق الحائزين خمسة في المئة من رأسمال أي مصرف عامل في لبنان وجميع الأشخاص الذين شغلوا مناصب سياسية أو قضائية أو إدارية اعادة جميع الاموال المحولة من قبلهم الى الخارج، والتي تفوق مبلغ الخمسين الف دولار تحت طائلة بطلان عمليات التحويل والملاحقة الجزائية والاثراء غير المشروع ووعد دياب بالتغيير وان المرتكبين سيدخلون السجون حكما، بهمة القضاء اللبناني وقال إننا لن نسمح تحت أي ظرف بالمس بجنى عمر اللبنانيين ولقمة عيشهم وستكون الحكومة مظلة متينة لورشة مكافحة الفساد ومن دون اي مواربة او مسايرة .
وبلغة مبسطة الى اولئك الذين يخططون للانقلاب عبر سلب الناس اموالهم قال : لن نسمح ولن نتهاون لان هؤلاء يحمون أنفسهم ومصالحهم على حساب اللبنانينين ..
وختام المحضر الحكومي ان : الدولة ستضرب بحزم .. وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.