رمت الكنيسة المارونية غفرانها على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قبل دخوله كرسي الاعتراف وإتمام سر التوبة وقراءة صلاة التحليل على التائب إن أخطأ. وبما يقارب العصمة البابوية، أعلن البطريرك الراعي دخول سلامة الملاذ الآمن، وقال إننا تفاجأنا بحكم مبرم بحقه من دون سماعه وإعطائه حق الدفاع عن النفس علميا، ثم إعلان الحكم العادل بالطرق الدستورية، أما الشكل الاستهدافي الطاعن بكرامة الشخص والمؤسسة فغير مقبول على الإطلاق.
وسأل رأس الكنيسة: من المستفيد من زعزعة حاكمية مصرف لبنان؟. وبعظة ترمي الحرم الكنسي على أي خطوة تطال الحاكم، قال الراعي: إن هذا الكرسي البطريركي المؤتمن تاريخيا ووطنيا ومعنويا على الصيغة اللبنانية، يحذر من المضي في النهج غير المألوف في أدبياتنا اللبنانية السياسية.
ومحملا بصولجان الكنيسة، يدخل سلامة أسبوعا محصنا بالروح القدس، ليقدم الثلاثاء وفق معلومات “الجديد”، البيان رقم واحد، ليقرر بعدها ما إذا كان سيطل في مؤتمر صحافي موسع.
وعلى خطر السنية السياسية بالأمس من دار الفتوى، وفرض الحصانة المارونية على الحاكم اليوم، تعالج البلاد أزماتها وفق معادلة “سيري وعين بيوت الله ترعاكي”. أما البيوت السياسية فليست أقل إفتاء، حيث وصلت إلى سلامة البركة الرئاسية من فئة نبيه بري، والذي قال ل”النهار”: إذا تمت الإقالة فإن اللبنانيين سيستيقظون على سعر الدولار ب15 ألف ليرة، وما هكذا تورد الابل.
لكن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، عمم الخسارات على الجميع، ورأى أنه من غير المعقول تحميل المصرف المركزي وحده المسؤولية، بل إن المجلس النيابي والحكومة هما المسؤولان عن تركه يتمادى في هذه الأخطاء من دون التصحيح اللازم، وحذار أن تفوت المرجعيات الدينية العليا، مسيحية وإسلامية، على اللبنانيين الفرصة، وتسعى لتأمين الحماية الطائفية للمرتكبين.
وباسيل الذي تجرد طائفيا هذه المرة، فإنه قدم طروحا عملية في أبواب المحاسبة واسترادد المال المنهوب والمهرب، وفي سد ثقوب سود في مصرف لبنان. وقام بعملية توزيع للخسائر على الفاسدين والسارقين والمصارف وأصحابها، والدولة بسياسييها وبرجالاتها، لا بأصولها وأملاكها. وطرح رئيس “التيار الوطني الحر” نظرية “التعريب” وفصل الأوادم عن الفاسدين عبر قانون كشف الحسابات المالية والأملاك، قائلا: تعالوا نقره، وأنا أرفع التحدي أمام الجميع.
طالب باسيل الحكومة بأن تقدم ولا تتراجع، فما يعانيه الوطن والشعب إنما يعانيه كل الوطن وكل الشعب، ولا طائفية ولا استهداف ولا انقلاب بالفقر، بل هي ححج واهية للهجمة على الحكومة لأنها بدأت بالتشخيص والإجراءات، فاجتمع عليها المتضررون من المساءلة.
وفيما تحدث باسيل بالرقم والعلم والاقتراحات العملية، رد عليه تيار “المستقبل” أولا بتغريدات “التسلاية” لأحمد الحريري، وثانيا ببيان مكتوب للتيار العريق الذي له جماهيرية على مستوى الوطن. كان جبران جادا، فرد عليه “المستقبل” بحبة بيان زرقاء تنشط النفط وأحاديث الصهر ورئيس الظل الخفي، لتذهب مباشرة إلى حسان دياب، وقال بيان “المستقبل” إن رئيس حكومة لبنان المعين قرر الوقوف وراء الرئيس ميشال عون، وتاليا خلف رئيس الظل الحقيقي والفعلي جبران باسيل، والأخذ بيدهما في تنفيذ الأجندة الكيدية التي يسعون لها منذ عام 2005.