Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الخميس في 30/04/2020

من ركام مهلة المئة يوم المصابة بالكورونا واهتزاز الشارع خرجت الحكومة بخطة اقتصادية عدها رئيسا الجمهورية والحكومة إنجازا للتاريخ، وإن كانت فرحتها متكئة على صندوق نقد دولي سيتوجه إليه لبنان ضمن مفاوضات سوف تحتاج من ستة الى تسعة أشهر قبل أن تتم الولادة القيصرية، احتفت الحكومة بالتلقيح الصناعي من الخارج وأقرت برنامج عمل تركت دولاره بلا تحرير رسمي، وإن كانت الخطة قد لحظت لدى توزيعها سعر ثلاثة آلاف وخمسمئة ليرة تقديريا.

والرئيس حسان دياب الذي أطل مزهوا بما أنجزته حكومته تعمد تجاهل الرد على كل ما سبقه وأحاط به من هجوم سياسي، فهو لم يسدد في ملعب حاكم مصرف لبنان ولم يواجه نادي رؤساء الحكومات السابقين، لكنه تطلع إلى أيام الحساب غدا وأعلن أن استعادة الأموال المنهوبة ستحظى بحيز مهم من عمل الحكومة للتعويض على اللبنانين الجريمة التي ارتكبت في حقهم، وباصرار دياب على إطلاقه الحرب ضد الفاسدين وإعلانه أن الفساد كان دولة داخل الدولة ولا تزال له مؤسساته، فإن هذا المسعى وحده كان كفيلا استخراج ” العفاريت الزرق ” من باطن الرئيس سعد الحريري الذي جاهد وغالب نفسه واضطر الى الاجتماع بالرؤساء ميقاتي والسنيورة وسلام مرتين متتاليتين في أقل من ثلاثة أيام.

وبينما كان دياب يتحدث بلغة رجال الدولة والكلام الوازن والمرقوم والمستند الى خطة، ذهب الحريري الى اعتماد كلام من فوق السطوح متوجها الى رئيس التيار الوطني الحر بالقول :خلص اذا طالعين الاحكام مننزل عالضريح مناخد الشهيد الحريري ورفاقه ونمر على جبران تويني ونصعد مباشرة الى رومية ومنسلم البلد لجبران باسيل بس فشر على رقبته يحبس العالم.

وفي الدردشة فإن الحريري صور باسيل صاحب ولاية اعتمد التقليل مجددا من دور حسان دياب، عين بري زعميا لجبهة المعارضة ومرشدا لها، أقام ربط نزاع مع حزب الله بإعلانه أن الحزب غير موافق في أغلب الوقت على أفعال جبران، أما وليد جنبلاط فأبقاه الحريري في المنتصف لأن زعيم التقدمي لم يوافق على الدخول في أحلاف لعدم الضمانة.

وبهذا الرسم السياسي كان الحريري قلقا من المحاسبة لكن مم يتوجس زعيم المتسقبل إذا كانت حكومته لم ترتكب المعاصي ؟ لماذا يلجأ الى الاحتماء بنادي الرؤساء السابقين لإعلاء الصوت وقرع الطبول على البلد ونظامه الاقتصادي الحر، وعلى الطائف والانقلاب وانهيار لبنان وغيرها من العبارات ذات التهويل، فإن كنت على حق لن يسجنك أحد لا بل إن الفريق الذي تشكوه اليوم هو نفسه من حررك من سجنك في السعودية عندما عانيت أسوأ المراحل، وباعتقالك اعتبر لبنان أن موقع رئاسة الحكومة قد اهتز أيضا فحارب من أجل استردادك على أمل أن ” تبق البحصة ” يوما ما ولم تفعل لتاريخه.

فإذا كان تيار المستقبل اليوم بريئا من دم هذا الصديق في الحرب على الفساد يخرج بسجل عدلي سياسي لا شبهة عليه، والمستقبل سيكون تحت المجهر كغيره ممن حكموا البلاد في السنوات الخمس الماضية، حيث ان الحكومة لن تنبش قبور الثلاثين عاما.

فلماذا استحضار الارواح من الان والاجتماع ” بالاربعة ” وتكبيد اللبنانيين عناء الاستماع الى اعلان بيت الوسط بصوت فؤاد عبد الباسط السنيورة الذي ألقى مولوتوف سياسية على الحكومة، وتلا علينا بيانا كانت مدته الزمنية أطول من الاجتماع نفسه، متخوفا من استئثار وضرب طائف وعزلة وخطر داهم وغير ذلك من المصطلحات الباعثة على تحسس الرقاب.

ولما كان الوزير السابق نهاد المشنوق اسرع من الجميع فقد عالجهم بتصريح يستنفر الطائفة ويتخوف على مصيرها، وهو بذلك كان يوجه رسائل غير مشفرة الى الرؤساء الاربعة قبل اجتماعهم ليقول لهم : اياكم والاعتدال وابو صالح سيعرف من اين تؤكل الكتف، لكن البلاد يئست من هذا اللعب الطائفي والخوف على الوطن لم يعد مسيجا بمذهب ولا بملة و عصبيات .