أول مصادقة دولية على خطة الحكومة الاقتصادية، وصلت إلى بيروت من باريس، عبر موقف للخارجية الفرنسية التي أدرجت الخطة تحت بند تصنيف القرار المهم، لكنها اشترطت التزام تطبيق الإصلاحات، وقالت: على هذا الأساس فرنسا مستعدة لدعم جهود لبنان الذي عليه أيضا أن يبقى في منأى عن الصراعات الإقليمية.
وقبل الصراعات الإقليمية، فإن على هذا البلد أن يتوقف عن صراعات داخلية تتمتع بالقدرة على ضخ اليأس حتى في العصر الميت، وتدفع بنفاق لترشيد الإنفاق. وعلى هذه الحرب تعصف بالتكتلات السياسية أفكارها، قبل أن تقرر المشاركة في لقاء وطني دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأربعاء المقبل، لشرح بنود الخطة الاقتصادية ومناقشتها. وكان لافتا أن الدعوات وجهت إلى قادة ورؤساء أحزاب الكتل النيابية، ولن يقتصر حضور بعبدا على النواب فقط، وهي علامة جمع تقصدها رئيس الجمهورية لإشراك الكل في مسار اقتصادي- مالي من شأنه إذا ما تحقق أن يرفع لبنان من بين الأنقاض.
أبوة عون للقاء الجامع، بدا أنها ستواجه بدلع سياسي، فهذا يفكر وذاك يتريث وآخرون يخفضون التمثيل. “القوات” تدرس دستورية الدعوة على زمن كسرنا فيه أعتاب الدستور. “الاشتراكي” يرى في اللقاء إلغاء للطائف. “المستقبل” وضعت الخطة في دائرة الدراسة والرصد، عسى ألا تكلف النائبة ديما جمالي استخلاص العبر.
وبمن حضر، سيضع لقاء بعبدا ملاحظات على الخطة. أما المتغيبون عن الاجتماع فهم قرروا مسبقا الخروج من صياغة الحل، والاكتفاء بمنصة معارضة تعود ريوعها إلى تحصيل مكاسب لم يعد الشعب يصدقها.
وخطوة لم الشمل في بعبدا، تنعقد على أوراق حكومية عقدت صلحا مع المصرف المركزي، إذ إن البنود الاقتصادية لم تكن بصياغة عدائية تجاه مصرف لبنان وحاكمه، على الرغم من الصوت التحذيري الذي أطلقه حسان دياب في وجه رياض سلامة. فرئيس الحكومة تجاوز ملاحظاته ليتحدث بلغة مشتركة مع “المركزي”، مقررا عدم استعمال صلاحيات تختص حصرا بالحاكمية، وأبرزها تحرير سعر صرف الدولار. فيما تلاقى دياب و”المركزي” في إعادة هيكلة القطاعين المصرفي والمالي واستبعاد ال”هيركات” واعتماد “البيل ان” لمن يرغب، وتمويل مصرف لبنان للقمح والدواء والنفط وحماية أموال المودعين.
وهذه الشراكة ينقصها التنفيذ، بحيث إن ترك الدولار على غاربه لشياطين السوق، سيجعله متفلتا وحاكما أوحدا للبنان، ولذلك فإن المصرف المركزي له صلاحيات التحديد والتثبيت، وعلى الدولة حماية هذا التثبيت حتى لا نصبح بمئة سعر للصرف، وبالتالي يقع اللبنانيون في عنابر الصرافيين، وهم حتى اليوم من يتحكم بالسوق. والملاحقة هي مسؤولية وزارات مختصة، من الداخلية إلى الاقتصاد فالعدل، والأجهزة التي عليها استخدام قواها الضاربة على المضاربين المتلاعبين وليس ضد المتظاهرين.
وإلى ساحات التظاهر، كان الأول من أيار عيدا لعمال لا يعملون، مناسبة لمواسم البطالة، لإقفال مصانع شيدت ارباحها من عرق عمالها ثم قررت “تشميع خيطها والرحيل”.
وفي عيد العمال، تحية لكل من فقد وظيفته، لكل من كان يطلع عليه فجر العمل، وتوقفت العجلة عن الدوران.