يوم ضبط الكمامات في لبنان كتم أنفاس التعيينات في بعبدا. وعلى الأرض كان الفصيل المرادف لقوى الأمن الداخلي يستعرض عضلاته الميليشياوية ضربا وتنكيلا بمجموعة من الثوار تظاهروا على مقربة من مقر عين التينة وهزوا سكينة رئيس مجلس النواب نبيه بري . هي المنطقة المحظورة ، التي ترسم حدودا مع الوطن وفي قلب عاصمته، الداخل اليها مفقود والخارج مولود.
فلماذا عين التينة دون سواها ممنوع الاقتراب من اسوار حدائقها ؟ تاريخ ما بعد السابع عشر من تشرين لم يترك منزل سياسي الا وطرق ابواب شارعه ، تظاهروا واحتجوا وعبروا .. وصولا الى بوابات القصر الجمهوري نفسه ، لكن وفي كل مرة تنزل عيون الامن على عين التينة تصيب الناس وتحطم سياراتهم وتعتدي على كل من تسول له نفسه التظاهر
وللعلم فان قصر الرئاسة الثانية هو بيت للشعب وليس ملكا خاصا لرئيس مجلس النواب وشركاء العائلة . وللمواطنين الحق في التعبير والتظاهر وعلى القوى الامنية حماية الناس وليس الانقضاض عليهم بهدف ارضاء ساكن القصر.
ولما مشطت القوى الامنية صفوف المتظاهرين فإن ” تمشيطة ” رئيس الحكومة حسان دياب طغت على زيارته الجرد ومعاينته السلسلة الشرقية بمرافقة وزيرة الدفاع وقائد الجيش فقد توقع اللبنانيون أن تكون خبطة رئيس الحكومة في بعبدا هدارة لكن دياب جاء إلى جلسة مجلس الوزراء متسلحا “بالمشط” وبمواقف خلبية ظهرت في ملفي الكهرباء والتعيينات.
في الكهرباء جرت المساومة بين عون ودياب والكلفة الباهظة ستكون على عاتق الخزينة إذ طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من مجلس الوزراء إعادة النظر بالقرار المتخذ في جلسة سابقة والمتعلق بخطة الكهرباء التي سبق ولحظت ضرورة إنشاء ثلاثة معامل للانتاج للتمكن من تأمين الكهرباء 24 على 24 وأكد عون ان السير بهذه الخطة يشكل ضرورة للبنان، وأيضا للمفاوضات مع المؤسسات الدولية فيما أعلن دياب تقيده بالبيان الوزاري وتنفيذه لقراري الحكومة السابقة التي لا تتعارض مع جلسة التصويت الشهيرة بحسب ما قال في الجلسة فجرت الأمور بما تشتهي مراكب سلعاتا.
تجاوز مجلس الوزراء اللغم المكهرب لكنه كاد يقع في فخ التعيينات فطرح رئيس الجمهورية تعيين القاضية رندى يقظان رئيسة لمجلس الخدمة المدنية، جوبه الطرح برفض الوزراء على قاعدة إما التعيينات سلة واحدة أو لا أحد.ولم يتوقف مجلس الوزراء عند السيرة الذاتية ليقظان والتي سبق وان نالت عقوبة «خفض رتبتها درجتين
من مجلس تأديب القضاة، بعد إدانتها بارتكاب مخالفة في قضية إتجار بالمخدرات وترويجها كانت تنظر فيها.
لكن هذا الملف كغيره حوصر بالتوافق وبدا أن وعود دياب بالإصلاح الإداري والمؤسساتي صارت رهينة المصطلح، بحسب ما جاء في مقررات الجلسة حيث أعلنت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد إرجاء البت في هذا الملف إلى الخميس المقبل وتشكيل لجنة للتوافق حول آلية التعيين وتحدثت عن عقبات يجري تذليلها واعتماد معيار المواصفات وليس الأسماء.
لكن آلية التعيين أقرت في مجلس النواب فما الحاجة إلى لجنة لدراسة الآلية ؟ وعلى ماذا سيتم التوافق ولأجل من ؟ والتوافق كما عهدناه في العرف السياسي اللبناني يعني المحاصصة وتوزيع المناصب والمراكز. تخطت حكومة دياب أيامها المئة لكنها لم تبلغ سن الرشد في اتخاذ المواقف وبالتوافق سيصوت الوزراء بالوكالة نيابة عمن توافقوا على توزيرهم “ويا دار ما دخلك تشرين”.
ورياح تشرين دقت هذه المرة ابوابا اميركية في اول انتفاضة من نوعها على التمييز العنصري الذي اودى بحياة رجل تحت اقدام الشرطة الاكتر سوادا وقمعية في مينابولس . وبات الرئيس الاميركي دونالد ترامب اليوم امام حرب على منصتين .. شعبية يقودها الاميركيون المتفضون على الشرطة ومراكزها .. وشخصية يخضوها الرئيس في وجه منصة تويتر والتي سيحولها لاحقا الى حرب عالمية يكسر فيها كبريات المؤسسات الافتراضية.