تراجعت الحكومة خطوتين إلى الوراء على طريق الإصلاح، فتقدمت كورونا خطوة إلى الأمام على طريق مناعة القطيع. وغدا يوم آخر تستعيد فيه البلاد أنفاسها من رئة الوباء. وعلى سلم الفايروس الذي سجل اليوم تسعا وعشرين إصابة معظمهم من الوافدين، ستخفف الإجراءات وستعود الحياة شبه طبيعية، مع الإبقاء على بعض الاستثناءات وتعديل في المواقيت، بحسب بيان وزارة الداخلية.
وكما على الأرض، كذلك في السماء. فقد أعلن وزير الأشغال العامة والنقل عن إحتمال افتتاح مطار بيروت أمام حركة الملاحة ابتداء من الواحد والعشرين من حزيران.
وبمقاييس حزيران عن ثلاثة وثلاثين عاما إلى الوراء، غرد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري للمرة الأولى في ذكرى اغتيال الشهيد رشيد كرامي، مستذكرا رجالات الدولة أصحاب المواقف الوطنية. وللذكرى كلام فيصل من وزن لم نسامح ولن ننسى، ولكننا لسنا طلاب انتقام بل طلاب عدالة. والعدالة في عرف آل كرامي، لن تكون بقانون عفو ملغوم يستثني الموقوفين ظلما من دون محاكمات، ويسقط التهم عن قتلة الرشيد المحكومين غيابيا والفارين خارج لبنان، يمعن في قتل القتيل وفي تمجيد القاتل.
وفي ذكرى اغتيال رئيس حكومة كان على قيد الرئاسة لدى استهدافه من السماء، سأل النائب فيصل كرامي: كيف تنعون الطائف وهو المتضمن آليات ونصوصا واضحة لبناء الدولة العصرية؟، وزيادة في السؤال: لماذا استصدار شهادة وفاة لاتفاق لم يبصر النور، ولم يسجل في دائرة نفوس بناء الدولة؟.
لكن الميثاق الوطني الذي بقي حبرا على ورق، صار اتفاق الطوائف، والطوائف تحولت إلى فيدراليات ولكل فيدرالية معمل كهرباء ومكب نفايات ومواقع في التعيينات ممنوع المساس بها، وقوانين عفو على المقاس، وقضاء متروك للقدر والمحاسبة إلى يوم الحساب.
حتى صلاحيات مجلس الوزراء الملحوظة في اتفاق الطائف، فقدت صلاحيتها، ولم يبق زعيم إلا “وبل إيدو” بحكومة مواجهة التحديات، وكل فريق فيها يقول “أنا الوالي”، من تهديد سليمان فرنجية ونبيه بري بالاستقالة، إلى “سلعتة” جبران باسيل، إلى خطوط طلال إرسلان الحمراء تحت منصب الشرطة القضائية، يؤازره في المهمات الدرزية الوزير رمزي المشرفية.
وإذا كان رئيسها حسان دياب قد أصيب بهزة ثقة، فلا حل أمامه إلا بالتقاط النفس والرجوع إلى المربع الأول، بعيدا من بازار المحاصصة والركون إلى أهواء وخواطر هذا وذاك. أما إذا أرادوا إسقاط الحكومة، فليكن بسحب الثقة منها في مجلس النواب، وهو ما لن يجرؤوا على القيام به، ليس محبة ببقاء الحكومة، بل خوفا من ثورة عارمة ستولد من رحم “لبنان ينتفض”.
وبضع منتفضين هذا المساء أمام القصر الجمهوري، أسوة بباقي المقار، لكن التظاهرة تحولت فجأة إلى احتكاك مع الجيش ووفود من “التيار” التي جاءت حامية للقصر وتحمل مستلزمات الحماية، ما أدى إلى تدافع وتضارب ومنع الإعلام من التصوير.
وتزامنا مع تخفيف اجراءات التعبئة غدا، لا تعبئة للبنزين إذا تفاقمت الأزمة الأسبوع المقبل. والسبب المباشر هو امتناع الشركات العملاقة المحتكرة استيراد المحروقات في لبنان، عن التسليم. وفي معلومات “الجديد” أن المستوردين في لبنان يخزنون البنزين، لكن يمتنعون عن توزيعه، أولا لأنهم يعولون على ارتفاع الأسعار يوم الأربعاء، وثانيا لأنهم يحاولون تحصيل خمسة عشر في المئة على الأقل من الأموال بالدولار الأميركي.