في بيان يصلح لأن يصدر كتابا عن القضاء المستحيل فاض العقل الدستوري عن مستوى البلاغة وسطر مطولات في علم التشكيلات وخروجها عن توازن السلطات، فبيان القصر الجمهوري طار إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء عبر ومن وإلى، وتوغل مطولا في أصول المناقلات والانتدابات والالحاقات، وتسنى لحمورابي القصر أن يعيد كتابة الدستور من جديد في اطروحة خلطت الارقام بالمواد بالقوانين والتواريخ، وانتهت الى رفض رئيس الجمهورية توقيع مرسوم التشكيلات القضائية صفحات ليست كالصفحات، وأهزوجة من وحي الدساتير متضمة ملاحظات رئيس الجمهورية، وفيها ما لذ وطاب من العبارات الثقيلة والميجانا العازفة على القانون والمشتبكة مع نفسها والعصية على الفهم حتى لحاملهز
فقد طافت أحكام الدستور حول القصر الجمهوري، وشوهدت نذر منها وقد أضرجت بموادها واستخدم كاتب الجمهورية السليم لتاريخه مفردات في القسم والمراسيم التشريعية والنظام الدستوري، معطوفة على أحكام القضاء العدلي..
وكل ذلك حتى يتجنب الرئيس وصحبه أن يقولوا إننا رفضنا التشكيلات لكونها زجت بالقاضية غادة عون في أتون التأديب وزجرتها، وفرضت عليها عقوبات قضائية لكونها عونية، فلماذا كل هذا اللف والدوران واستخدام القضاء ووزيرة العدل ورئاسة الحكومة والاستعانة بـ”الصحيح الاستشاري” وصاحب الفتاوى في الفقه العدلي.
وأسهل الطرق هي في قول الحقيقه ومفادها: رفضناها لأنها أبعدتنا أما في الكلام الدستوري الواضح فإن الخبير الدكتور سعيد مالك يفتي فيها من آخرها، مؤكدا أن رئيس الجمهورية بكتابه هذا إنما خالف الدستور في سابقة لم تسجل منذ الطائف، وأنه بذلك يعطل سلطة دستورية ويوحي بأن موقع الرئاسة الأولى يمارس وصاية مقنعة على المرفق القضائي، ولا يحق لرئيس الجمهورية رفض تشيكلات أصبحت مبرمة ومنتهية لأنها صدرت بالأكثرية الموصوفة من قبل مجلس القضاء الأعلى.
وكما الضرب السياسي بالتشكيلات كذلك التعيينات المتوجهة غدا إلى سابقة لم تحصل في التاريخ، جلسة على توقيت عيد ميلاد أحد المعينين من حصة الرئيس نبيه بري.. جلسة تسابق العمر لتقطف منه يوما قبل دخول صاحب العيد في مرحلة الأربعين، تعيينات من خارج الملاك واستباقا للآلية التي وضعها مجلس النواب نفسه، ومن بين التعيينات نواب الحاكم الأربعة الموزعون عدا ونقدا على السياسيين.
وما “يعتب حدا ولا يزعل حدا” وهنا يستعاد تصريح لوزير المال السابق علي حسن خليل الذي أكد لدى دفعة التعيينات من شركتي الخلوي أن الرئيس نبيه بري لا دور له ولا حصة في هذه التعيينات، وكل ما يشاع عنها وعن سواها غير صحيح على الإطلاق ومحض افتراء ودس لغايات معروفة، وعلى الأرجح فإن الرئيس بري نفسه قد” زعل ” من هذا التصريح لأن معاونه السياسي قد تجنى عليه وحمله وزر ما لا يحتمل ونزع عنه صفة يفختر في حملها منذ عقود وفق معادلة “طالما لكم حصة لي حصة”.
ويكفي أن وسيم منصوري الاسم المطروح من نواب الحاكمية لم يترك وظيفة رسمية إلا وتولاها من الشمال إلى الجنوب، ولم يحرم العاصمة بيروت خبرته العابرة للمحافظات واحتجاجا على غياب الآلية.. يغيب عن الجلسة غدا وزراء زعيم تيار المردة سليمان فرنجية الذي قال إنه عرض علينا أن نكون جزءا منها فرفضنا انسجاما مع موقفنا الرافض لتعيينات من دون معيار أو آلية أما رئيس الحكومة السابق سعد الحريري فقد سجل اعتراضه على مجمل الآلية السياسية بشكل شامل.