في أول نهار يعقب الانفتاح العام وكسر التباعد الاجتماعي وعودة حياة السهر، مع “أخذ نفس أرغيلة”، قفز معدل الكورونا في لبنان ليسجل واحدة وخمسين إصابة دفعة واحدة، وكانت لمنطقة الغبيري النسبة الأوفر حيث سجلت فيها اثنتا عشرة إصابة، ليعود مجموع الحالات الألف والخمسمئة ويذكرنا بأننا ما زلنا بين أيدي وباء يخطف الأنفاس، وفيروس رئوي حصد في العالم ما لم تنتزعه حروب عالمية كبرى، وأنه يتحكم في مصائر ودول وأرواح واقتصاديات. وآخر أهدافه في الساعات الماضية، أنه اخترق شباك كرة القدم العراقية فسجل إصابة في مرماه بوفاة أسطورة المنتخب أحمد راضي.
وفي الملاعب اللبنانية، فإن هدف المواطنين يكاد ينحصر في التقاط كرة الدولار، وملاحقته في الهجوم والدفاع والوسط على حد سواء، في سوق سوداء وأخرى لم يظهر بياضها بعد، وعلى التطبيقات الذكية، وأحدها بات ينتشر تحت تطبيق يسمى “بيع الدولار”، وفي العملات البديلة، فإن السلطة بكل فروعها تبيع الوهم، وتكاد لا تسيطر حتى على حالات الارتفاع التي تخطت خمسة آلاف ومئتي ليرة في أسواق العرض والطلب الخلفية.
وإذا كانت السوق المالية على سوادها، فإن الأرقام الرسمية ليست أكثر تفاؤلا أو تقاربا، علما أن لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن لجنة المال النيابية، أعادت ترميم الفجوة الواسعة في الأرقام، كمن يعيد التقارب إلى وجهات النظر. وباقتراب اللجنة من إعلان الأرقام النهائية، بدأت طلائع ردود صندوق النقد بالتكشف، لاسيما بعد تغريدة نشرها المتحدث الرسمي باسم الصندوق جيري رايس، أكد فيها أن الخسائر التي يقدرها الصندوق تتطابق إلى حد كبير مع خسائر الحكومة.
وفي تحديد حجم الخسائر السياسية، فإن لقاء الإنقاذ في بعبدا، يوجه الرسائل في كل اتجاه للوصول إلى خميس يجمع القادة بأقل الخسائر الممكنة في صفوفهم. ويربط الرئيس سعد الحريري موقفه من خميس بعبدا، بما سيقرره رؤساء الحكومات السابقون، على أن تعلن كتلة “المستقبل” رأيها في اجتماعها الدوري يوم الثلاثاء، في وقت باتت مواقف النادي الحكومي السابق محددة ومرسمة من اليوم.
ومن رسائل المبادرة، ما وجهه نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي إلى الرئيس سعد الحريري، بقوله ل”الجديد”: إن مسألة وجود الحريري في الندوة التوافقية أمر لزومي. وأمعن الفرزلي في الغزل، داعيا إلى ما سماه “رسملة الحريري” في سبيل تأمين وحدة البلد مهما كانت العقبات الشخصية. وفهم من كلام الفرزلي “بن أبي ربيعة” أنه رسائل موجهة إلى الرئيس حسان دياب على وزن “إذا جئت فامنح طرف عينيك غيرنا لكي يحسبوا أن الهوى حيث تنظر”.
وإذا كانت بعض المكونات تشد بالحريري ورؤساء الحكومات السابقين لحضور بعبدا، تأمينا للمكون السني، فإن “أبو حسين” لها غدا، إذ يعقد “اللقاء التشاوري” اجتماعا في منزل النائب عبد الرحيم مراد في حضور النواب الستة الذين عادوا إلى التحصن تحت هذا اللقاء. وسبق ل”التشاوري” أن أعلنت مصادره أن الميثاقية السنية مؤمنة بوجود رئيس الحكومة، وميثاقيته تفوق دستورية كل الأحزاب السنية مجتمعة.
ولما كان لكل طرف مطلبه من لقاء بعبدا، فإن إرشادات الكنيسة ذهبت إلى أبعد من لبنان، وربطت هذا البلد بالتصالح مع محيطه العربي لاستعادة ثقة العالم به. وحدد البطريرك الراعي في عظة أول الصيف من الديمان، معايير نجاح لقاء بعبدا بالتأكيد على وحدة لبنان وحياده، وتحقيق اللامركزية الموسعة، وصيانة مرجعية الدولة الشرعية بجميع مؤسساتها، وبخاصة تلك الأمنية والعسكرية، والإقرار الفعلي بسلطة الدولة دون سواها على جميع الأراضي اللبنانية، والالتزام بجميع قرارات الشرعية الدولية، وبمكافحة الفساد في كل مساحاته وأوكاره، وحماية استقلالية القضاء وتحرره من أي تدخل أو نفوذ سياسي أو حزبي، وهي كلها عناوين كبيرة لمسؤولين مقسومين شرقا وغربا.