صاروخ قبل عشرة أيام، سمع دويه اليوم. فمن شاشة “العربية الحدث” مرة أخرى يكون الحدث، فيتم إطلاق صاروخ يحلق وينفجر على بعد خمسمئة متر من موكب الرئيس سعد الحريري في أثناء عودته من زيارة إلى البقاع. وبحسب الرواية فإن الحريري أكمل مساره إلى بيروت وبقي الأمر طي الكتمان.
هو حادث وقع قبل أيام عشرة، لكنه انفجر اليوم إعلاميا، فيما أكدت مصادر “الجديد” أن شعبة المعلومات لم تتسلم أي تحقيق في هذا الشأن، منذ تاريخ وقوعه إلى اليوم. أما “بيت الوسط” فيدرس خيارات الرد الإعلامي، لتوليف “تخريجة” عن الحادث والذي بدا أنه “صاروخ جو- أرض” سياسي- أمني.
وقد التهب هذا الخبر، على توقيت كانت فيه البلاد تعطل مفاعيل صاروخ ديبلوماسي آخر انفجر بين لبنان وأميركا بقرار قضاء عاجل. وأبعد من الأزمة الديبلوماسية، راح الناشطون سياسيا وإعلاميا، ينقبون عن “فاعل خير” قدم من تلقاء نفسه اعتذارا إلى السفيرة الأميركية دوروثي شيا، قبل أن يختفي بين الوزراء، ودارت الدائرة على كل اسم محتمل، قبل أن يكتشف أن الفاعل هو الوزير السابق سليم جريصاتي، والذي بررت مصادره بأنه “قد أتاها يعتذر”، لكن لم يسألها ما الخبر، حاصرا الاعتذار فقط بلغط حصل معها وأدى إلى منعها من الظهور إعلاميا.
والسفيرة العزيزة مدعوة غدا إلى الخارجية لتوضيح الملابسات وسؤالها عن مدى خرقها اتفاقية فيينا، مع احتمال تقديم المحتوى الديبلوماسي المتضمن اعتذارا عن قرار قضائي محلي لا يمثل وجهة نظر الحكومة والدولة.
وفيما يستدعي التفتيش القضائي القاضي المعني، أعلن محمد مازح استعداده للتنحي وإنهاء خدماته قبل أن يسأل عما فعل. أما “حزب الله”، فقد توجه عبر النائب حسن فضل الله بكلام يمنح القرار القضائي الحصانة. وقال فضل الله إن السلطات اللبنانية وفي مقدمها وزارة الخارجية، مدعوة إلى تحرك فوري لإلزام هذه السفيرة احترام القانون الدولي الذي يحدد واجبات الديبلوماسيين، والتزام القوانين اللبنانية النافذة، وهو أمر سنتابعه وفق الأطر القانونية، لأن السلوك العدواني لهذه السفيرة هو تجرؤ وقح على الدولة، وتحد لقوانينها وأحكام سلطتها القضائية.
وإذا كانت السفيرة الأميركية قد مثلت بلادها في التدخل السافر وخرق الأعراف الديبلوماسية، وهي كما بومبيو وشينكر وما يعادلهما من كبار الديبلوماسين، لم يقصروا في استخدام النفوذ وتسطير الأحكام، فإن “حزب الله” أيضا سجل بدوره تدخلا خاطئا في عمل القضاء، فهو استعمل نفوذه وإن معنويا لضرب القضاء والإعلام معا. تبنى في ما بعد قرارا عاجلا يؤزم الأزمات المتفجرة.
صحيح أن المسؤولين الأميركيين لديهم من الصلافة ما يؤهلهم لكف ديبلوماسي، لكن لبنان أيضا عود السفراء على دلال لا يمكن لهم أن ينالوه في أي دولة ذات سيادة، فنحن نستقبل السفراء على أنهم زعماء دول ومقررون، ونتعامل معهم على أسس تخرق فيينا وكل المعاهدات. لكن لبنان أيضا لديه اليوم ما يكفيه من ضغوط وأزمات وحروب لم تعد صغيرة، وقد تنعكس على مفاوضات صندوق النقد الدولي.
والتباعد “الكوروني” كان أهون من التباعد بين رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لكون خلافات الطرفين تزيد الأوضاع النقدية والاقتصادية سوءا. وفي توصيف لعضو لجنة المال والموازنة النائب ياسين جابر ل”الجديد”، فإن صندوق النقد بعد هذه الخلافات أصبح يلعب دور الحكم الذي يحمل “صفارة ” للفصل بين المتنازعين. وقال جابر إن الوفد الحكومي إلى مفاوضات الصندوق، كان يتزود بتعليمات من الحكومة بعدم التحدث مع مصرف لبنان وجمعية المصارف. ورأى جابر أن المشكلة لم تعد بالأرقام بل بتطبيق الإصلاحات الجادة، ناقلا عن صندوق النقد أنه: إذا أقرت الحكومة الإصلاحات عندها سوف نساعد لبنان، وإذا لم تفعل ذلك فلن نعطي أي مبلغ مالي للدولة اللبنانية.
وبحسب تقدير الخسائر الإصلاحية، فإن الرئيس حسان دياب لم يتقدم لغاية الآن بأي بند يقنع الصندوق، وكل المؤشرات على هذا التقدم الإصلاحي تبدو سلبية، ويساهم في انهيارها خصام بين دياب والحاكمية، غير أن الاجتماع الأخير والذي رعاه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، قد حد من نسبة الخسائر.