تجلس الحكومة غدا على “كرسي مكهرب” لتقدم للصندوق أولى النيات الإصلاحية وطلائعها من مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان بعد ثمانية عشر عاما على طاقمها واستعدادا لطرح الأسماء في المزاد الطائفي، فإن وزير الطاقة ريمون غجر أعد اللوائح الاسمية اعتمادا على معايير الكفاءة لكن على قاعدة ستة وستة مكرر حتى لا تتكهرب طائفة ما وتصعق بتيار الغبن وأوضح غجر أن أعضاء مجلس الإدارة لا يخضعون لآلية التوظيف لأنهم ليسوا موظفي دولة بل يحضرون الاجتماعات ويتقاضون مبلغا على القطعة مرجحا أن تمر التعيينات في الجلسة المقبلة.
لكن الاحتكاك الحراري “رح يشرقط” من الهيئة الناظمة وتعديلاتها التي تعطي الوزير موقع الملك فيصبح دورها استشاريا فقط، فيما يؤكد الوزير غجر للجديد أن نقل المسؤولية من الوزير إلى الهيئة الناظمة يحتاج إلى مرحلة انتقالية طويلة تقدر بثلاث سنوات على الأقل، وبالتالي لا تعيين للهيئة من دون إقرار التعديلات.
على الجلسة وما ستقره غدا سيكون عمال مؤسسة الكهرباء على تأهب قد يؤدي الى إطفاء المحركات إذ أعلنت نقابة عمال ومستخدمي المؤسسة أنه إذا أقرت هذه التعديلات فستقضي على حقوق العمال ومكتسباتهم وديمومة عملهم، لذا قررت النقابة إعلان الاعتصام التحذيري غدا والتوقف عن العمل ووقف الصيانة والإصلاحات في المبنى المركزي للمؤسسة وجميع مراكزها ودوائرها على الأراضي اللبنانية، ومع توجه عمال الكهرباء إلى الإضراب على الرغم من التقنين القاسي الذي يعم كل الوطن فإن اللبنانيين يبحثون عن ضوء شمعة.. لكن الشموع بدورها أصبحت مسيلة للدموع ودخلت بورصة الدولار فسعر “الألف والخمسمية” يبدو أنه تبخر من لبنان.. بدءا بالدولار مرورا بربطة الخبز واليوم بكيس الشمع الذي قفز الى أربعة عشر ألف ليرة، اما الخبز فهو كذلك ليس في مأمن وذلك مع التمليح بربط سعره بارتفاع الدولار علما أن لدى وزارة الاقتصاد خيارات لم تتخذها وكانت تقتضي بضم مستلزمات ربطة الخبز الى السلة المدعومة المؤلفة من مئتي سلعة وعلى كل هذه المطالب توزع الشارع اليوم بالمفرق وليس بالجملة.. وكل غنى على قضاياه من رومية التي تنشد العفو العام إلى أساتذة الخاص المصروفين فأصحاب الشاحنات والفانات وشركات الأسمنت وخفراء الجمارك بلوغا هذا المساء نحو منطقة عاليه التي فصل الجيش بين متظاهريها.. فريق يؤيد أبو تيمور وآخر رفع شعار “قوم تحدى الجوع تمرد” ومن بين كل هذا الجوع تقف حكومة حسان دياب لتواجه بوزراء اللحم الحي.. لا شيء لديهم يخسرونه ولا شيء حتى الساعة قدموه حكومة وسمت بشعار حكومة حزب الله لكن هذا الوسم سبق أن طبع على جبين كل من حكومات نجيب ميقاتي وتمام سلام وسعد الحريري الأول وسعد الثاني..
جميعهم نالوا هذا الشعار ولم يتأثروا به وساروا على خطى تقلبت بين النأي بالنفس وضرورة التعايش مع مكونات ممثلة نيابيا وحكوميا وحكومة دياب اليوم بدورها تطوق بهذا الاتهام وهي اتخذت قرار التوجه شرقا بعدما دفعتها دول الخليج الى هذا الشرق ووضعت لها معابر وحواجز تمنعها من التحرك غربا وبين شرق وغرب كان العراق نقطة الوسط فلبنان الذي تمتد له دولة واحدة .. سيكون قادرا بعد حين على النهوض ستشرق شمسه.. كما أشرقت من ليل بعلبك بالامس.. حيث الكون اجتمع عند الهياكل ..ونزف وترا قابلا للحياة.